جماعة من الفضلاء. وقال الشيخ صلاح الدين العلائي : هو قول غريب يخرج كثيرا من المشهورين بالصحبة والرواية عن الحكم بالعدالة ، كوائل بن حجر ، ومالك بن الحويرث ، وعثمان بن أبي العاص ، وغيرهم ، ممن وفد عليه صلىاللهعليهوسلم ولم يقم عنده إلا قليلا وانصرف ، وكذلك من لم يعرف إلا برواية الحديث الواحد ، ولم يعرف مقدار إقامته من أعراب القبائل. والقول بالتعميم هو الّذي صرح به الجمهور ، وهو المعتبر. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد كان تعظيم الصحابة ـ ولو كان اجتماعهم به صلىاللهعليهوسلم قليلا ـ مقررا عند الخلفاء الراشدين وغيرهم ، فمن ذلك ما قرأت في كتاب «أخبار الخوارج» تأليف محمد بن قدامة المروزي بخط بعض من سمعه منه (١) في سنة سبع وأربعين ومائتين ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير ـ هو الجعفي ـ عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي ، قال : كنت عند أبي سعيد الخدريّ ، وقرأت على أبي الحسن علي بن أحمد المرادي بدمشق (٢) ، عن زينب بنت الكمال سماعا ، عن يحيى بن القميرة ، إجازة ، عن شهدة الكاتبة سماعا. قالت : أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة ، أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، حدثنا جدي يعقوب بن شيبة. حدثنا محمد بن سعيد القزويني أبو سعيد ، حدثنا أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي ، عن الأسود ـ يعني ابن قيس ـ عن نبيح ـ يعني العنزي ـ عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : كنا عنده وهو متّكئ ، فذكرنا عليا ومعاوية ، فتناول رجل معاوية ، فاستوى أبو سعيد الخدريّ جالسا ، ثم قال : كنا ننزل رفاقا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكنّا في رفقة فيها أبو بكر ، فنزلنا على أهل أبيات ، وفيهم امرأة حبلى ، ومعنا رجل من أهل البادية ، فقال للمرأة الحامل : أيسرّك أن تلدي غلاما؟ قالت : نعم. قال : إن أعطيتني شاة ولدت غلاما. فأعطته. فسجع لها أسجاعا ، ثم عمد إلى الشاة فذبحها وطبخها ، وجلسنا نأكل منها ، ومعنا أبو بكر ، فلما علم بالقصة قام فتقيّأ كل شيء أكل. قال : ثم رأيت ذلك البدويّ أتي به عمر بن الخطاب وقد هجا الأنصار ، فقال لهم عمر : لو لا أن له صحبة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أدري ما نال فيها [لكفيتكموه] (٣) ولكن له صحبة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) في أعنه.
(٢) دمشق بالكسر ، ثم الفتح وشين معجمة وآخره قاف : البلدة المشهورة قصبة الشام ، هي جنة الشام ، لحسن عمارتها وبقعتها وكثرة أشجارها وفواكهها ومياهها المتدفقة في مساكنها وأسواقها وجامعها ومدارسها قيل : سمّيت بذلك لأنهم دمشقوا في بناءها أي أسرعوا وقيل : هو اسم واضعها وهو دمشق بن كنعان وقيل غير ذلك وهي مشهورة. انظر : مراصد الاطلاع ٢ / ٥٣٤.
(٣) بياض في ج.