وَهُوَ الْفَصْلُ
، لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَظَاهِرُهُ حِكْمَةٌ وَبَاطِنُهُ عِلْمٌ ، ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَبَاطِنُهُ
عَمِيقٌ ، لَهُ تُخُومٌ وَعَلَى تُخُومِهِ تُخُومٌ لَا تُحْصَى عَجَائِبُهُ وَلَا تُبْلَى غَرَائِبُهُ ،
فِيهِ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَمَنَازِلُ الْحِكْمَةِ ـ وَدَلِيلٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِمَنْ
عَرَفَهُ .
٢ ـ عَنْ يُوسُفَ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَفَعَهُ إِلَى الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ قَالَ : دَخَلْتُ
عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَقُلْتُ : يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ ـ سَمِعْنَا الَّذِي نَسُدُّ
بِهِ دِينَنَا ، وَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ سَمِعْنَا أَشْيَاءَ
مُخْتَلِفَةً مَغْمُوسَةً ـ لَا نَدْرِي مَا هِيَ قَالَ : أَوَقَدْ فَعَلُوهَا
قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ـ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ : أَتَانِي
جَبْرَئِيلُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِكَ فِتْنَةٌ : قُلْتُ :
فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا فَقَالَ : كِتَابُ اللهِ فِيهِ بَيَانُ مَا قَبْلَكُمْ
مِنْ خَبَرٍ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، وَهُوَ
الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، مَنْ وَلَّاهُ مِنْ جَبَّارٍ فَعَمِلَ بِغَيْرِهِ
قَصَمَهُ اللهُ وَمَنِ الْتَمَسَ الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ ـ
وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَهُوَ
الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ لَا تُزِيغُهُ الْأَهْوِيَةُ ، وَلَا تَلْبِسُهُ الْأَلْسِنَةُ وَلَا
يَخْلُقُ عَلَى الرَّدِّ وَلَا يَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ـ وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ
الْعُلَمَاءُ [هُوَ الَّذِي] لَمْ تُكِنَّهُ الْجِنُّ ـ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ،
وَمَنِ اعْتَصَمَ بِهِ (هُدِيَ إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ) ، هُوَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ ـ وَلا مِنْ خَلْفِهِ
__________________