قَالَ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِاللهِ لَمَّا أَخْبَرْتَ بِمَا عِنْدَكَ فِيهِ ـ فَقَالَ أَمَّا إِذَا أَقْسَمْتَ عَلَيَّ بِاللهِ ـ إِنِّي أَقُولُ إِنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِيهِ السُّنَّةَ ـ فَإِنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَفْصِلِ أُصُولِ الْأَصَابِعِ ـ فَيُتْرَكَ الْكَفُّ قَالَ : وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَالَ : قَوْلُ رَسُولِ اللهِ ع السُّجُودُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ ـ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ، فَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْكُرْسُوعِ أَوِ الْمِرْفَقِ ـ لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ يَسْجُدُ عَلَيْهَا ، وَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) يَعْنِي بِهِ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ السَّبْعَةَ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) ، وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَمْ يُقْطَعْ ـ قَالَ : فَأَعْجَبَ الْمُعْتَصِمَ ذَلِكَ ـ وَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِلِ الْأَصَابِعِ دُونَ الْكَفِّ ـ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ [دُؤَادَ] : قَامَتْ قِيَامَتِي ـ وَتَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُ حَيّاً قَالَ زَرْقَانُ : إِنَّ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ [دُؤَادَ] قَالَ : صِرْتُ إِلَى الْمُعْتَصِمِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ نَصِيحَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ وَاجِبَةٌ ـ وَأَنَا أُكَلِّمَهُ بِمَا أَعْلَمُ أَنِّي أَدْخُلُ بِهِ النَّارَ قَالَ : وَمَا هُوَ قُلْتُ : إِذَا جَمَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَجْلِسِهِ فُقَهَاءَ رَعِيَّتِهِ ـ وَعُلَمَاءَهُمْ لِأَمْرٍ وَاقِعٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ ، فَسَأَلَهُمْ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ ـ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ أَهْلُ بَيْتِهِ وَقُوَّادُهُ وَوُزَرَاؤُهُ وَكُتَّابُهُ ، وَقَدْ تَسَامَعَ النَّاسِ بِذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ بَابِهِ ، ثُمَّ يَتْرُكُ أَقَاوِيلَهُمْ كُلَّهُمْ ـ لِقَوْلِ رَجُلٍ يَقُولُ شَطْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِإِمَامَتِهِ ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ بِمَقَامِهِ ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِحُكْمِهِ دُونَ حُكْمِ الْفُقَهَاءِ قَالَ : فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَانْتَبَهَ لِمَا نَبَّهْتُهُ لَهُ ـ وَقَالَ : جَزَاكَ اللهُ عَنْ نَصِيحَتِكَ خَيْراً ، قَالَ : فَأَمَرَ يَوْمَ الرَّابِعِ فُلَاناً مِنْ كُتَّابِ وُزَرَائِهِ ـ بِأَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَعَاهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ ، وَقَالَ : قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي لَا أَحْضُرُ مَجَالِسَكُمْ ، فَقَالَ : إِنِّي إِنَّمَا أَدْعُوكَ إِلَى الطَّعَامِ ـ وَأُحِبُّ أَنْ تَطَأَ ثِيَابِي وَتَدْخُلَ مَنْزِلِي فَأَتَبَرَّكَ بِذَلِكَ ـ وَقَدْ أَحَبَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ـ مِنْ وُزَرَاءِ الْخَلِيفَةِ لِقَاءَكَ فَصَارَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَطْعَمَ مِنْهَا أَحَسَّ السُّمِّ فَدَعَا بِدَابَّتِهِ فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ أَنْ يُقِيمَ ، قَالَ : خُرُوجِي مِنْ دَارِكَ خَيْرٌ لَكَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَيْلَهُ فِي خَلْفِهِ حَتَّى قُبِضَ ص (١).
__________________
(١) البحار ج ١٦ «م» : ٢٩ وج ١٢ : ٩٩. البرهان ج ١ : ٤٧١. ونقله المحدث الحر العاملي في الوسائل ج ٣ أبواب حد السرقة باب ٤ عن هذا الكتاب مختصرا أيضا.