قال : فيقدم فيذبح ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت. قال : وذلك قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ).
وروي هذا الحديث عن الإمامين الصادقين عليهماالسلام ، بزيادة : «فيفرح أهل الجنة فرحا ، لو كان أحد يومئذ ميتا ، لماتوا فرحا ، ويشهق أهل النار شهقة ، لو كان أحد ميّتا ، لماتوا» (١).
٤ ـ لقاء الله ومشاهدته العقلية
إن هناك لفيفا من الآيات تعرب عن تمكن المؤمن من لقائه سبحانه يوم القيامة ، يقول سبحانه : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٢).
وهذه الآيات الوافرة تشير إلى لقائه سبحانه. ولكن المفسرين ـ تنزيها له سبحانه عن الجسم والجسمانيات ـ أوّلوها إلى لقاء جزائه سبحانه وثوابه وعقابه ، ورضاه وسخطه ، وهذا المعنى مع صحته في نفسه ، ومع التركيز على تنزيهه سبحانه عن المشاهدة بالعيون المادية ، لا يمكن أن يكون معربا عن كلّ ما تهدف إليه الآية ، فإن لهذه الآيات معنى دقيقا يدركه العارفون الراسخون في معرفته سبحانه ، القائلين بأنّ المعرفة ، بذر المشاهدة ، لكن لا مشاهدة جسمانية ، بل مشاهدة قلبية وعقلية ، ولمّا كان بيان هذا النوع من اللّذة العقلية ، خارجا عن موضوع الكتاب نقتصر على هذا المقدار. ومن أراد التفصيل فليرجع إلى محله(٣).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٥١٥.
(٢) سورة الكهف : الآية ١١٠ ، ورد هذا المضمون في الذكر الحكيم في سور كثيرة منها : الأنعام : ٣١ ، و ١٥٤ ، يونس : ٧ و ١١ و ١٥ و ٤٥ ، العنكبوت : ٥ و ٢٣ ، السجدة : ١٠ و ٢٣ ، فصلت : الآية ٥٤.
(٣) ما ذكرناه نماذج من اللذات والآلام الروحية الدالة على أن الثواب والعقاب ليسا محصورين في الجسماني منهما ، ومن أراد التوسع فليلاحظ كتاب «لقاء الله» ، للعارف الكبير ، الشيخ جواد الملكي ، (م ١٣٤٤). وهناك روايات وردت حول الموضوع ، فمن أراد الوقوف عليها فليرجع إلى توحيد الصدوق ، وإلى الموسوعة القرآنية : «مفاهيم القرآن».