يكون هنا صفة ولا تكون غير الموصوف ، فعندئذ يلزم التركّب فيه سبحانه من ذات وصفة ، وهو محال.
وثانيهما ـ إنّ نفي العلم والقدرة وسائر الصفات الكمالية عنه سبحانه يستلزم النقص في ذاته أولا ، ويكذّبه إتقان آثاره وأفعاله ثانيا.
فالمخلص والمفرّ من هذين المحذورين ، انتخاب نظرية النيابة ، وهي أن نقول بنيابة الذات مناب الصفات ، وإن لم يكن هناك واقعية للصفات وراء الذات.
هذا هو المشهور عن المعتزلة وممن صرح به منهم عبّاد بن سليمان قال : «هو عالم ، قادر ، حي ، ولا أثبت له علما ، ولا قدرة ولا حياة ولا أثبت سمعا ولا أثبت بصرا ، وأقول هو عالم لا بعلم ، وقادر لا بقدرة ، وحيّ لا بحياة ، وسميع لا بسمع ، وكذلك سائر ما يسمّى من الأسماء التي يسمّى بها» (١).
يلاحظ عليه ـ أولا : إنّه لم يتحقق أنّ ما ذكر من قضية النيابة رأي جميع المعتزلة بل إن هناك جماعة منهم يذهبون إلى ما هو المختار عند الإمامية من عينية صفاته مع ذاته بمعنى أنّ الذّات هي نفس العلم والقدرة والحياة لا أنها خالية عن الصفات تنوب منابها (٢).
وثانيا : إنّ المعتزلة يتصورون أنّ حقيقة الصفة ترجع إلى أمر زائد على الذات ، ولا يتصور كون الشيء وصفا مع كونه نفس الذات وعينها وما ذلك إلا لملاحظة الصفة في الموجودات الإمكانية فالعلم في الإنسان وصف وهو غير الذات ، كما أنّ القدرة كذلك ، فاتخذوه ضابطة كلية حتى في مقام
__________________
(١) مقالات الإسلاميين ، ج ١ ، ص ٢٢٥.
(٢) قد جمع الأستاذ دام حفظه كلمات المعتزلة في هذا المقام في محاضراته القيمة في الملل والنحل ، ج ٢ الفصل السادس عند البحث عن كون علمه زائدا على الذات أو لا.