(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) (١).
٢ ـ ويقول تعالى في آية أخرى حاكيا كلام المشركين في تعليل ارتكابهم الفحشاء بأمر الله وإرادته : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها ، قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢).
٣ ـ ويقول تعالى : (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(٣).
فهذه الآيات وما يضاهيها من الآيات الأخر تبين لنا موقف المشركين من التقدير وتحليلهم لهذا الأصل ، ولأجل ذلك يجب أن يكون تفسير التقدير على وجه لا يتفق مع زعم المشركين فيه. والعجب أنّ هذا الاستنتاج الباطل قد بقي بحاله في بعض الأذهان حتى بعد بزوغ فجر الإسلام وقد سجل التاريخ بعض المحادثات في هذا المجال نشير إليها :
١ ـ روى عبد الله بن عمر أنّه جاء رجل إلى أبي بكر فقال : «أرأيت الزنا بقدر؟ قال : نعم قال : فإنّ الله قدّرني عليه ثم يعذبني؟ قال : نعم يا ابن اللّخناء. أما لو كان عندي إنسان أمرته أن يجفأ أنفك» (٤).
فإنّ السائل أدرك في ضميره أنّ التقدير والمجازاة على العمل لا يجتمعان مع عدله سبحانه وقسطه ، فلا بد من قبول أحد الأصلين ورفض الآخر ولما لم يجد الخليفة جوابا صالحا لسؤاله قام بتهديده كما سمعت في الخبر ، وهذا يوضح أنّ التقدير في بعض الأذهان كان مساوقا للجبر وسلب
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ١٤٨.
(٢) سورة الأعراف : الآية ٢٨.
(٣) سورة الزخرف : الآية ٢٠.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٩٥.