الرائى في المسافة التى بينهما ، وأن تتصف العين بما انطبع فيها من صور الألوان حتى يقال لها سوداء ، وبيضاء ، وأن تحترق بانطباع صورة النار فيها ، وتبرد بانطباع صورة النار فيها ؛ والكل محال.
وإن كان منفصلا عنه : فكان يلزم أن يحس به المنفصل عنه إذا كان مدركا ، وأن لا يدرك ذلك المرئى الخارج ؛ لعدم انطباعه ؛ وهو محال.
وإن كان عرضا : فالعرض لا تحرك له بنفسه ، وإن تحرك بمحله أوجب المحالات السابقة ، هذا إن قيل بانتقال الصورة المنطبعة من المرئى ، وإن لم تكن منتقلة : فالقول بانطباعها في العين مع عدم انتقالها من المرئى ؛ محال.
قولهم : إنه لا مانع من خروج شعاع من العين متصل بالمرئى ؛ فباطل أيضا من سبعة أوجه :
الأول : أنه مبنى على البنية ؛ وقد أبطلناه.
الثانى : هو أن الشعاع الخارج من العين / إما جوهر ، أو عرض.
فإن كان جوهرا : فهو مع اتصاله بالمرئى : إما أن يكون متصلا بالعين ، أو منفصلا عنها.
فإن كان متصلا بالعين : فهو ممتنع لثلاثة أوجه :
الأول : أنه يلزم منه أن يكون قد خرج من العين مع صغرها جرم مخروط ملأ نصف كرة العالم متصلا بالثوابت ؛ وهو محال.
الثانى : أنه يلزم منه أن يحرك الهواء الراكد ، وأن ينفذ في الأجرام الصلبة الشفافة ، إذا كانت متوسطة بين الرائى (١) ، والمرئى (١) كما سبق ؛ والكل محال.
الثالث : أنه يلزم أن لا يختلف المرئى على القرب ، والبعد بسبب اتصال المدرك به.
وإن كان منفصلا عن العين : فكان يلزم أن لا يختلف المرئى في القرب ، والبعد ؛ لاتصال المدرك به ، وأن يحرك ما يلاقيه من الأجرام المزاحمة له ، وأن لا يدرك الرائى ، المرئى ؛ لانفصال الشعاع عنه إذا أغمض العين قبل زمان عود الشعاع ؛ والكل محال.
__________________
(١) فى ب (المرئى والرائى).