قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نهاية المرام في علم الكلام [ ج ٣ ]

نهاية المرام في علم الكلام [ ج ٣ ]

51/581
*

معنى قولنا : «كذا موصوف بشيء ، أنّ تلك الصفة ثابتة لذلك الموصوف ، لأنّ وصف الشيء بالشيء إن لم يقتض ثبوت الصفة للموصوف وجب أن يقتضي نفي حصوله للموصوف ، لامتناع الخروج عن النقيضين.

وإذا ثبت ذلك ، فنقول : ثبوت الوصف للموصوف فرع على ثبوت الموصوف في نفسه ، فانّ الشيء ما لم يثبت في نفسه لم يثبت له غيره ، بل قد يثبت في نفسه ولا يثبت له غيره ، فلو قلنا : الحوادث الماضية قابلة للزيادة والنقصان وتتصف بهما فقد ادعينا ثبوت الزيادة و (١) النقصان لها ، ثمّ الموصوف بهذا الوصف إن كان موجودا في الخارج ، فإمّا أن يكون هو كلّ واحد من الحوادث الماضية أو مجموعها ، فإن كان الأوّل لزم أن تكون لكلّ واحد بداية ، وهو مسلّم. وإن كان الثاني فهو باطل ، لأنّ مجموع تلك الحوادث لا وجود له في وقت من الأوقات ، وما لا وجود له لا يمكن أن يوصف بوصف ثبوتي في الخارج.

لا يقال : إنّكم تصفون ذلك المجموع بأنّه لا يمكن وصفه بالزيادة والنقصان ، فنفي الوصف عنه دون غيره وصف له ، وهو متناقض. ولأنّ اليوم حال حضوره لا يوصف بالأمسية وإنّما يتصف بها بعد مضيه.

لأنّا نقول : نفي الوصف لو كان وصفا كان نفي الشيء عين ثبوته ، وكلّ واحد من النقيضين هو الآخر ، وهو محال. والأمسية وصف اعتباري لا خارجي. وإن كان المحكوم عليه بهذا الوصف هو الصورة الذهنية ، فنقول : الذهن لا يقوى على استحضار ما لا يتناهى على التفصيل ، بل يقوى على استحضار اللانهاية ، (٢) ومعنى اللانهاية من حيث هو (٣) هذا المعنى أمر واحد

__________________

(١) نهاية العقول «أو».

(٢) أي معنى اللانهاية.

(٣) «هو» ساقطة في ق ، وهو خطأ.