قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نهاية المرام في علم الكلام [ ج ٣ ]

نهاية المرام في علم الكلام [ ج ٣ ]

381/581
*

الطبائع ، بحيث إذا أخذنا جسما أرضيا في الحس أو مائيا أو هوائيا أو ناريا فانّه يشتمل على أجزاء على طبيعة اللحم وعلى أجزاء على طبيعة الخبز وأجزاء على طبيعة العنب إلى غير ذلك من جميع المركبات ، لكنّه يسمى باسم الغالب عليه ، فإذا لقيه جسم آخر يكون الغالب فيه غير الغالب الأوّل برز ذلك المغلوب من الكمون (١) وحاول مقاومة ما كان غالبا. ولا شكّ أنّها حال بروزها تختلط بالأجزاء التي كانت غالبة عليه فتحس بجملتها إحساسا لا يمكن التمييز بين آحادها فيتخيل الحس هناك أمرا ممتزجا منهما كالحار والبارد إذا امتزجا. وهؤلاء هم «أصحاب الخليط». (٢)

ثمّ من هؤلاء من يقول : إنّ الجسم فيه مثلا أجزاء حارة وباردة ، وليس واحد منهما كامنا ، لكنّه إذا صار باردا فارق الحار ظاهره وباطنه فبقي البارد وبالعكس.

الفرقة الثانية : زعموا أنّ الجسم البارد إذا صار حارا فذلك لأنّه تدخل فيه من الخارج أجزاء نارية ، وإذا اختلطت بالبارد أحس شيء متوسط بين الحار

__________________

(١) الكمون : «Immanence­ صفة ما هو كامن وهو مرادف للبطون. ويعرفه الخوارزمي بانّه : «استتار الشيء عن الحس كالزبد في اللبن قبل ظهوره ، وكالدهن في السمسم.» مفاتيح العلوم : ٨٤.

(٢) وهم انكساغورس وأصحابه. شرح الإشارات ٢ : ٢٧٨. وانكساغورس (٥٠٠ ـ ٤٢٨) أوّل من قال بالكمون والظهور. وكان يعتقد أنّ الأشياء موجودة بعضها في بعض على ما هي ، وأنّ الكلّ في الكلّ ، أي أنّ الوجود مكون من مبادئ لا متناهية عددا وصغرا هي طبائع أو جواهر مكيفة في أنفسها ، تجتمع في كلّ جسم بمقادير متفاوتة ، ويتعين لكلّ جسم نوعه بالطبيعة الغالبة فيه ، بحيث يكون كلّ جسم عالما لا متناهيا يجوي الطبائع على اختلافها كلا منها بمقدار ، فتخلف الظواهر والأسماء. فالكون ظهور عن كمون ، والفساد كمون بعد ظهور ، دون أي تغير في الكيفية. راجع الشهرستاني ، الملل والنحل (رأي انكساغورس) ؛ يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية : ٤١ ؛ الفصل ٥ : ١٨٤. وعند الإسلاميين اشتهر بالقول بالكمون إبراهيم النظام. الفرق بين الفرق : ١٤٢.