لأنّه ذهب إلى تضادّ الاعتمادات ، كما منع من فعل السكون.
واستدل من جوزه : بأنّ الاعتماد الذي هو سبب السكون حاصل والمحل محتمل ولا مانع فيجب وجود مسببه. ولا يصحّ أن يجعل ثقله مانعا ، لأنّ منعه هو بموجبه الذي هو السكون ، ولا منافاة بين السكونين ، ولهذا تجد الحمال إذا اعتمدنا على حمله مشقة ومدافعة زائدة فلا بدّ وأن يولّد اعتماده السكون فيه وإن لم يقدر على تحريكه.
لا يقال : إذا عجز عن تحريكه فقد عجز عن تسكينه.
لأنّا نقول : لا نسلّم الملازمة ، لأنّ في التحريك منعا ليس في التسكين ، هو امتناع أن يجتمع موجب الاعتمادين ، ولا يمتنع وجود السكونين. ولأنّه يجب أن يفعل بعدد ما في جميع أجزاء الحبل من الثقل وزائدا إذا أراد تحريكه ، وليس كذلك عند التسكين.
إذا عرفت هذا ، فإذا صحّ تسكين ما لا نقدر على تحريكه ، فالقدر الذي نسكنه ما هو؟ إذ لا يجوز أن يقال : إنّ جميع الجبل يسكن ، وإلّا لزم فيمن بعد عنه إذا أراد قلع شيء من الحجارة أن يحتاج إلى أن يفعل أزيد ممّا يفعله من الأكوان لو لم يكن هنا مسكن ، وخلافه معلوم ، فيجب أن يقال : هو القدر المسامت ليده إذا اعتمد بها حتى يبلغ إلى آخر تخوم الأرض على ما قاله أبو إسحاق ، بخلاف ما قاله أبو هاشم : إنّه يسكن القدر الذي لو انفصل لقدر على تحريكه ، لأنّ السبب الواحد قد صحّ توليده في المحال الكثيرة كالقدرة ولا يلزم الشناعة بأن يبلغ اعتماده آخر الأرضين السابعة ، لأنّه يجب ذلك إن ثبت الاتصال في الجميع ، ولا يكون من الباب الذي يدّعي الضرورة في خلافه.
لا يقال : إذا نقدر تحريك بعض الجبل من دون بعض فهلا نقدر مثله في التسكين؟