أخصّ من مطلق الاتفاق ، فإذا أبدلنا الكمية بالكيفية لم تتحقق المساواة بل تبدلت بالمشابهة.
وقد يكون تحصيلا صنفيا ، وذلك بأن تحصل الإضافة لموضوع ثمّ يقرن بذلك الموضوع عرض غريب لو لم يكن لم يبعد أن تبقى تلك الطبيعة من الإضافة فذلك لا ينوّع الإضافة ، بل ربما صنّفها ، كأبوة الرجل العادل وأبوة الرجل الجائر فإنّهما تختلفان في أحوال ، ولكنّها خارجة عن الماهية ، فإنّ الرجل العادل لو توهمته جائرا لم يخلّ بذلك المعنى الذي هو الأبوة.
وأمّا التحصيل الشخصي ، فكأبوة هذا وأبوة ذاك. فيجب أن يعلم أنّ ما يقولونه من حال الإضافة في أمثال هذه : «إنّها علاقة واحدة بالعدد موجودة بهما جميعا» قول لا معنى له ، بل كلّ منهما موصوف بإضافة إلى الآخر ليست بالعدد إضافة الآخر ، لكنّه بل ربما كان نوعهما واحدا ، كجوار هذا لذاك وجوار ذاك لهذا ، وربما كانا متخالفين بالنوع كالأبوة والبنوة ، وكذلك المماسة فإنّ كلّ واحد من الشيئين يوصف بأنّه مماس لذلك الآخر ففيه مماسة لذلك الآخر ، نسبة تلك المماسة إليه نفسه هي أنّها فيه وإلى الآخر أنّها له وأنّها بالقياس إليه ولأجله ، وكذلك الآخر أيضا مماس للأوّل بمماسة فيه للأوّل ، فنسبة تلك المماسة التي للآخر بها مماس للآخر نسبة أنّها فيه ، وإلى الأوّل نسبة أنّها له لا نسبة أنّها فيه ، فإنّه لا يماس أحدهما الآخر بمماسة تكون في ذلك الآخر ، بل بمماسة تكون فيه نفسه لذلك الآخر ، لكنّهما من حيث المماسة ، بل من حيث العلاقة يتفقان اتفاق الشخصيات في الأمور. فامّا كون إضافة واحدة بالشخص تتعلّق بالمضافين معا كما توهمه بعضهم ، فإنّه باطل لامتناع قيام العرض الواحد بمحلين ، وقد سبق بيان ذلك (١).
__________________
(١) في البحث الخامس من مباحث العرض ١ : ٢٩٩.