من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في تمام الماهية ، كان معناه أنّ المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في تمام المعقولية إذ ليس بمساو للسماء لها حال كونها معقولة. وهذا هذيان لما نسمعه ، فإنّ المعقول من السماء هو نفس ماهية السماء ، فضلا عن المساواة.
وأمّا كون السواد غير مساو للبياض في تمام المعقولية ، فظاهر. وظاهر أنّ المناسبة بين الموضعين غير صحيحة ، فإنّ الفرق بين السماء المعقولة والمحسوسة بكون أحدهما عرضا في محلّ مجرّد غير محسوس والآخر جوهرا محسوسا لا في محلّ ، فرق بين الطبيعة النوعية المحصّلة المأخوذة تارة مع عوارض وتارة مع مقابلاتها. والفرق بين السواد والبياض فرق بين الطبيعة الجنسية غير المحصلة المأخوذة تارة مع فصل يقومها نوعا وتارة مع فصل آخر يقومها نوعا مضادا للأوّل. على أنّ السماء المعقولة إذا أخذت من حيث هي عرض قائم بنفس ما ، لم تكن ماهيته السماء ، إنّما تكون ماهيته لها من حيث تكون صورة حصلت في العقل مطابقة لها.
وفيه نظر ، لأنّا لم نقصد بالماهية المعنى المعقول باعتبار كونه ثابتا في الذهن ، بل نريد به نفس الحقيقة والذات التي للشيء في نفس الأمر.
وليس المقصود من قولنا : المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في الخارج ، عدم المساواة في التجرّد وعدمه ، ولا أنّها ليست مساوية لها في المفهوم الذهني ، بل إنّه ليس بمساو لها في حقيقتها ، وكيف يجوز جعل السماء الثابتة في التعقل التي حكم عليها بالعرضية والحلول في محلّ مجرّد غير محسوس والسماء الثابتة في الخارج التي حكم عليها بالجوهرية والإحساس والاستغناء عن المحلّ ، مندرجتين تحت طبيعة نوعية محصلة مأخوذة تارة مع عوارض وتارة مع مقابلاتها ، فإنّ إحدى الصورتين جوهر والأخرى عرض ، وإحداهما حالّة في محلّ مجرّد غير محسوس والأخرى غير حالة في محلّ وهي محسوسة.