عن المضيء وتتصل بالمستضيء ، والأوّل باطل ؛ لأنّا نعلم بالضرورة التغاير بين الجسم والضوء في المفهوم ، ويعقل جسم مظلم ، ولا يعقل ضوء مظلم. والثاني باطل أيضا ، لأنّ تلك الأجسام الموصوفة بالكيفيات إن لم تكن محسوسة لم يكن الضوء محسوسا ، وإن كانت محسوسة كانت ساترة لما تحتها ، فكلّما ازدادت اجتماعا ازدادت سترا ، لكن الثاني محال ، فإنّ الضوء كلّما ازداد قوة ازداد إظهارا.
وفيه نظر ، لمنع الحصر في القسمة فجاز أن يكون الضوء عبارة عن جسم خاص ، ومنع [كون] كلّ محسوس ساترا ، وإنّما يكون ساترا لو كان ذا كثافة وظلمة ولون.
الثاني : لو كان الشعاع جسما لكانت حركته الطبيعية إلى جهة واحدة ، لكن الضوء يقع على كلّ جسم في كلّ جهة (١).
وفيه نظر ، لأنّا نقول : إنّه بالطبع يقع على المقابل.
الثالث : الضوء إذا دخل من الكوّة (٢) ثمّ سددناها دفعة ، فتلك الأجزاء النورانية إن عدمت ، لزم أن يكون تخلّل (٣) جسم بين جسمين معدما لأحدهما وهو محال. وإن بقيت خارج البيت وخرجت قبل السد فهو محال ؛ لأنّ القابل والفاعل للضوء موجودان ، فلا يمكن عدم الضوء قبل السد ، ولا خروجه عن البيت. وإن بقيت في البيت وقد زالت النورية والضوء عنها ، فهو مذهبنا ؛ لأنّ مقابلة المستنير سبب لحدوث تلك الكيفية ، وإذا ثبت ذلك في بعض الأجسام ثبت في الكل.
وفيه نظر ، لإمكان أن يكون الضوء عبارة عن أجسام خاصة لا تظهر رؤيتها
__________________
(١) كما أنّ نور السراج ينتشر إلى الأرض والسقف والجدران معا.
(٢) أي الثقبة النافذة.
(٣) كذا في الشفاء ، وفي المباحث المشرقية : «تحلّل».