الطبخ أثقل وذلك لمفارقة الهوائية ، لأنّه لو دخلت فيه وبيّضته كان ذلك خثورة (١) لا انعقادا على ما ستعلم.
الثاني : الدواء المسمّى بلبن العذراء (٢) يكون من خل طبخ فيه المردار سنج (٣) حتى انحلّ فيه ، ثم يصفى حتى يبقى الخل في غاية الإشفاف ، وإذا خلط بماء طبخ فيه القلي (٤) وصفّي في الغاية حتى أشبه الدمع ، فإنّه إن وقع التقصير في شيء من ذلك لم يلتئم المزاج المطلوب ، فكما يختلط هذان الماءان ينعقد فيه المنحل الشفاف من المرتك (٥) كمعقد المردار سنج (٦) ويبيض في غاية البياض كاللبن الرائب (٧) ثم يجفّ. وليس ذلك لأنّه كان شفافا فانفرق ودخل الهواء فيه ، فإنّ ذلك كان متفرقا منحلا في الخل. ولا لأنّ تلك الأجزاء المتفرقة تقاربت حتّى انعكس ضوء بعضها إلى البعض ، فإنّ حدّة ماء القلي أولى بالتفريق ، بل ذلك على
__________________
(١) نقيض الرقّة ، وهو مصدر الشيء الخاثر ، وخثر اللبن غلظ. لسان العرب : ٤ / ٢٧. وفي شرح المواقف : «الخثور : [بالفارسية] سطبر شدن مائع ، والماضي خثر ، وخثر بضم العين».
(٢) قال الشيخ : «يتخذه أهل الحيلة» وهم أهل الكيمياء. وقال شارح المواقف : «وهو خل طبخ فيه المردارسنج حتى انحلّ فيه ، ثمّ يصفى حتى يبقى شفافا في الغاية ، ثم يخلط هذا الخل المصفى بماء طبخ فيه القلى أوّلا ، ثم طبخ فيه المردار سنج ثانيا وصفي غاية التصفية حتى يصير الماء كأنّه الدمعة ، فانّه ينعقد ذلك المخلوط فيبيض غاية الابيضاض كاللبن الرائب» شرح المواقف : ٥ / ٢٣٧.
(٣) المردار سنج : يعمل من الرصاص أو الفضة. ويجفّف كما تجفّف الأدوية المعدنية ليعمل منه دواء. وقوّته قابضة ملينة مسكنة مبردة ، تملأ القروح لحما ، ويستخدم في الحروق ، والقروح بين أصابع القدمين ، ويطيّب رائحة البدن ويمنع سحج الفخذين. الغساني التركماني ، يوسف بن عمر بن علي بن رسول ، صاحب اليمن (٦٩٤ ه). المعتمد في الأدوية المفردة ، ص ٤٩٢ ـ ٤٩٣.
(٤) القلى ـ بالكسر ـ : الذي يتخذ من الاشنان. شرح المواقف ٥ : ٢٣٧.
(٥) المرتك : هو أوّل أكسيد الرصاص الأصفر. ويحضر بتسخين الرصاص في الهواء ، ويستخدم في صنع الأطلية والزجاج ، ومعالجة المطاط. الموسوعة العربية الميسّرة : ١٦٧٩.
(٦) ق وم : «كمقعد المردارسنج» ساقطة.
(٧) اللبن الرائب. والفعل : راب اللّبن : خثر وأدرك. لسان العرب ٥ : ٣٥٣.