يشيرون بذلك إلى نقطة غير منقسمة.
الوجه الثاني : لا نسلّم أنّ هنا جهتين متخالفتين بالطبع ، وكيف يصحّ منكم هذه الدعوى؟ مع أنّ الجهة عندكم طرف الامتداد وغير منقسم ، فتكون نقطة ، والنقطة عندكم لا وجود لها بالفعل ، فكيف تذهبون إلى تخالفها بالطبع ، مع أنّ منكم من يذهب إلى أنّ النقطة عدمية ، والباقون منكم يذهبون إلى أنّها فرضية.
الوجه الثالث : النقط كلّها متساوية في الماهية والحقيقة لو كانت ثابتة ، لأنّ مفهومها هو أنّها شيء ذو وضع غير منقسم ، وهو معنى واحد لا اختلاف فيه البتة ، فكيف يصحّ منكم القول بأنّها مختلفة بالطبع.
الوجه الرابع : منعتم من اسناد التحديد في الخلاء أو الملاء المتشابه لاقتضائه تمايز الجهتين المختلفتين بالطبع ، مع أنّكم أسندتم هذا التحديد إلى طرفي الامتداد الآخذ من المحيط إلى المركز ، والطرفان متساويان ، وهذا عين التناقض.
الوجه الخامس : الأبعاد متناهية فحصل بواسطة السطح الظاهر الذي هو نهايتها غاية البعد ، وحصل بما يتوهم أنّه وسط لها ، ما يشبه المركز ، فحصلت الجهتان متميزتين من غير واسطة المحيط.
الوجه السادس : إمّا أن يجعلوا المحيط كلّه هو جهة القرب من الفلك فيلزم انقسام الجهة ، وأنتم منعتم من ذلك ، أو بعضه فيلزم الترجيح من غير مرجح.
لا يقال : كلّ امتداد يفرض آخذا من المركز إلى أي نقطة كانت من المحيط يكون طرفاه غير منقسمين. وأحد الطرفين هو جهة القرب.
لأنّا نقول : فحينئذ لا تنحصر الجهة الطبيعية في اثنتين.
لا يقال : قد اشترك كلّ ما يقرب من المحيط في كونه قربا.