أو بواسطة تنتهي إليها ، فإذا جوّزنا الشك في الضروريات امتنع الجزم بشيء من الكسبيات ؛ لأنّ الضروريات أصل الكسبيات ، والطعن في الأصل يستلزم الطعن في الفرع ، فإذن لا يجوز تطرّق الشك إلى شيء من الضروريات.
الثاني : الواقف على طرف العالم إن لم يمكنه مدّ يده إلى خارجه كان ذلك لممانعة الأجسام له ، فوراء العالم أجسام تمانع المتحرك عن الحركة وهكذا إن تناهت تلك الأجسام ، وإن أمكنه فهناك أحياز وجهات قابلة للمساواة والمفاوتة والتجزئة ، لأنّا نعلم أنّ الحيّز الذي يتسع لليد مساو له ، وأنّه أزيد من نصفه ، وأقل من ضعفه ، فإذن هناك أبعاد غير متناهية.
الثالث : لو كان العالم متناهيا لكنّا إذا فرضناه أزيد ممّا هو عليه الآن بذراع لكان أكبر مما هو الآن ، ولو فرضناه أزيد ممّا هو الآن بنصف ذراع لكان أقل من الأوّل ، ولو فرضناه أزيد مما هو الآن بذراعين لكان أكبر من الجميع. فإذن خارج العالم أحياز قابلة للتفاوت ، فتكون أبعادا وجودية ، أو ذوات أبعاد.
الرابع : الجسم من حيث هو جسم كلي لا يمنع وقوع الشركة فيه إلى ما لا يتناهى ؛ لامتناع انحصار نوعه في شخصه وتناهي الشركة فيه لعدم الأولوية ، وإذا لم يمنع مفهوم البعد الشركة إلى ما لا يتناهى ، كان عدم التناهي ممكنا ، والمبدأ الفيّاض عام الفيض ، لا يمنع مستحقّا عن مستحقّه ، فيجب إفاضة جميع الأفراد الممكنة للجسم ، لكنها غير متناهيّة.
الخامس : الزمان لا بداية له ولا نهاية ، فالكون لا بداية له ولا نهاية ، فالأبعاد كذلك.
السادس : الأعداد لا تتناهى في الزيادة ، والمقدار لا يتناهى في النقصان ، فالأبعاد لا تتناهى قياسا عليهما.
والجواب عن : الأوّل : أنّا نمنع استناد ذلك إلى الفطرة ، بل إلى القوّة الوهمية ،