أطيعه (وَلا أُشْرِكَ بِهِ) في الطّاعة شيئا فكيف يصحّ لي ان أطيع أهواءكم فيما انزل الىّ فأترك بعضه الّذى لا يوافق أهواءكم (إِلَيْهِ أَدْعُوا) لا الى غيره فلا انظر الى اهوائكم موافقة كانت أو مخالفة (وَإِلَيْهِ مَآبِ) فلا انظر الّا اليه لا الى اهوائكم (وَكَذلِكَ) المذكور من عبادة الله وعدم الإشراك والدّعوة والرّجوع اليه (أَنْزَلْناهُ) يعنى أنزلناه حالكونه مثل ذلك المذكور يعنى انّه وان لم يكن كلّه صريحا في ذلك لكن كلّه راجع اليه (حُكْماً عَرَبِيًّا) صادرا عن حكمة بالغة له حقيقة في عالم العقول لا اعرابيّا لا حقيقة له ولا حكمة فيه وهو حال عن ذلك أو عن مفعول أنزلناه (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) في إخفاء ما يكرهونه وخصوصا ولاية علىّ (ع) (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بحقّيّته ومأموريّتك ان تظهره (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يتولّى تربيتك (وَلا واقٍ) ينصرك في شدائدك وقد مضى مرارا تفسير الولىّ والنّصير وانّهما كنايتان عن مظهر الولاية ومظهر الرّسالة (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) فما كنت بدعا من الرّسل (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فلا ينبغي ان يعيّروك على التّزويج والّذرّيّة (وَما كانَ لِرَسُولٍ) ممّن مضى (أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) حتّى يعيّروك على عدم اجابة اقتراحهم أو تحزن على عدم إتيان الآية المقترحة (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) لكلّ وقت حكم مكتوب فلا يمكنك الإتيان بالآية المقترحة في غير وقته ، ولمّا كان ظاهره منافيا لما امر الله من الدّعاء والتّصدّقات وصلة الأرحام لدفع الآلام والأسقام وطول العمر بحسب تعميم الأجل والكتاب قال (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) فلا تتركوا الدّعاء والصّدقات وصلة الأرحام (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) الّذى فيه كلّ شيء من غير تغيير حتّى محو المثبت وإثبات ما لم يكن ، وكتاب المحو والإثبات في مقام العلم هو النّفوس الجزئيّة المتقدّرة بالأشباح النّوريّة المعبّر عنها بعالم المثال ، وكتاب المحو والإثبات العينىّ هو عالم الطّبع (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) اى ان نرك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) فلا بأس عليك ولا تحزن عليه (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) وقد بلّغت (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) ونحاسب لا محالة (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) والمراد بالإتيان إتيان الملائكة المأمورين لذلك أو إتيان امره تعالى ، ونقصها من أطرافها ذهاب أهلها تدريجا ، وقد فسّر نقصها من أطرافها بفقد العلماء امّا لانّ العلماء لمّا كانوا من عالم الأرواح ونزلوا الى الأرض فبذهابهم تنقص الأرض وامّا غيرهم فلكونهم مخلّدين الى الأرض لا ينقص ذهابهم شيئا من الأرض ، أو لانّ الأطراف جمع الطّرف بالتّحريك أو الطّرف بالسّكون بمعنى الشّريف ويجرى الآية في العالم الصّغير ، ونقصان العالم الصّغير أظهر من العالم الكبير (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) لا رادّ ولا دافع (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) بانبيائهم (ع) ومن آمن معهم كما يمكر قومك فلا يفتروا بمكرهم (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) من حيث انّه يقدر على جميع أسبابه وعلى إنفاذه بحسب مشيّته بخلاف غيره لانّ الغير ان هيّأ بعض أسباب المكر فات عنه بعضها وان نفذ مكره بعض النّفوذ لم ينفذ بتمامه على وفق مراده ، والمكر منه تعالى إبراز الاساءة في صورة الإحسان استدراجا (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) في مقام التّعليل أو تأكيد للتّهديد المستفاد من قوله : فلّله المكر جميعا (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) للماكر أو المخلص وهو تهديد بسوء العاقبة كما انّ سابقه تهديد