قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة [ ج ٢ ]

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة [ ج ٢ ]

تحمیل

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة [ ج ٢ ]

288/489
*

بجزاء أحسنها ، وإذا صارت مسخّرة للشّيطان كان الجزاء بالعكس ، وأيضا إذا صار الإنسان متمكّنا في اتّباع الأبرار صار محبوبا لله بمنطوق فاتّبعونى يحببكم الله وإذا صار محبوبا لله صار كلّ اعماله محبوبة سيّئها وحسنها كأحسنها فيجزى الكلّ بمثل أحسنها ، وإذا صار مبغوضا صار كلّ اعماله مبغوضة مثل أقبحها فيجزى بأسوء الّذى كان يعمل من اوّل عمره ، وقد حقّقنا في موضع آخر انّ أسماء الأشياء أسماء لفعليّاتها الاخيرة وأحكامها أيضا جارية على فعليّاتها الاخيرة فمن كان فعليّته الاخيرة فعليّة الولاية كان جزاء جميع فعليّاته جزاء فعليّته الاخيرة وجاريا عليها (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) جميعا عطف على ما كان لأهل المدينة واستدراك لما يتوهّم من الآية السّابقة من لزوم ملازمة النّبىّ (ص) لجميع المؤمنين وعدم جواز التّخلّف عنه في حال من الأحوال ، مع امتناعه عادة لاختلال معيشتهم وعدم كفاية ما في يد النّبىّ (ص) بحاجتهم وضيق محلّه عن سكناهم ، وكون الآية استدراكا مبتن على تلازم العلم والعمل وانّ الغاية من جميع الأعمال حصول العلم ، وحينئذ فوضع المؤمنين موضع ضمير أهل المدينة للاشارة الى انّ ملازمة خدمة النّبىّ (ص) واجبة لأهل الشّرق والغرب ما لم يحصّلوا الإسلام فاذا حصّلوا الإسلام فليس عليهم الّا خروج طائفة مستعدّة لتلك الملازمة حتّى يستكملوا بالعلم والعمل ويستحقّوا الاذن في إرشاد قومهم ، وامّا إذا جعل الآية الاولى في الجهاد والثّانية في تحصيل العلم فهي عطف من دون اعتبار استدراك (فَلَوْ لا نَفَرَ) الى الجهاد أو الى خدمة النّبىّ (ص) أو مشايخه لتحصيل العلم (مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) مستعدّون لاستكمال القوّتين العلميّة والعمليّة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) ليطلبوا الفقاهة أو ليكمّلوها (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) بعد استكمالهم في القوّتين وإذنهم في الإرشاد وتعليم العباد. اعلم ، انّ الفقه كما مرّ علم دينىّ يتوسّل به الى علم آخر والمقصود العلوم العقليّة الانسانيّة فانّ العلم الدّينىّ هو العلم الانسانىّ العقلىّ عقليّا كان أو خياليّا ، لانّ الإنسان بانسانيّته طريق الى الآخرة وواقع في الطّريق وسائر عليه ، وحيث انّه بانسانيّته سألك على الطّريق يكون علمه في الاشتداد والازدياد دون العلم الخيالىّ الّذى يحصل بتصرّف الواهمة دون العقل سواء سمّى عقليّا أو خياليّا ، فانّه علم نفسىّ حيوانىّ موصل الى الملكوت السّفلى صاد عن طريق الآخرة وان كان صورته صورة علم الآخرة ، فالفقه كما في الصّحيحة النّبويّة امّا علم بالاحكام القالبيّة المسمّاة بالسّنّة القائمة ولا طريق إليها الّا الوحي الالهىّ لخفاء ارتباطها الى عالم الآخرة وخفاء كيفيّة إيصالها اليه ، واختلافها باختلاف درجات المكلّفين بها فهي لا تحصل الّا بالأخذ والتّقليد من نبىّ أو ممّن أخذها منه ، وامّا علم بالنّفس وأخلاقها وأحوالها وهي الفريضة العادلة ، وامّا علم بالعقائد الحقّة الدّينيّة وهي الآيات المحكمات لكون كلّ منها آية وعلامة من الحقّ تعالى ومبدئيّته ومرجعيّته ؛ هذا إذا جعل العقل ذلك وسيلة الى مقاصده الاخرويّة ، وامّا إذا جعله أولهم وسيلة الى آماله الدّنيويّة ومآربه الحيوانيّة فلم يكن فقها ولا علما وأشباه النّاس سمّوه فقها وعلما ، والمراد بالتّفقّه كمال الفقاهة سواء جعل الهيئة للمبالغة أو غيرها لانّه تعالى غيّاه بالإنذار والمراد بالإنذار ما يكون مؤثّرا في المنذر ، ولا يكون الإنذار مؤثّرا في المنذر الّا إذا كان المنذر كاملا في قوتيه العلميّة والعمليّة ، والّا فلفظ الإنذار كثيرا ما يجرى على لسان غير المتفقّه كانذار خلفاء الجور وعلماءهم وقصّاصهم ووعّاظهم ، الّذين كانوا يأمرون ولا يأتمرون وينهون ولا ينتهون ويعظون ولا يتّعظون ولم يحصل من ذلك الّا وبال إتمام الحجّة عليهم لا تأثّر المخاطبين ، ولخفاء كمال النّفس في هاتين القوّتين على المتفقّه وعلى غيره كانوا يحتاجون في الإنذار والأمر والنّهى الى الاذن والاجازة من الامام أو نائبه وكانت