الى الله سواء كان الرّجوع من جهة الباطن الى مظهر الله الباطنىّ الّذى هو القلب ، أو من جهة الظّاهر الى مظهره الّذى هو النّبىّ (ص) أو الامام (ع) أو خلفاؤهما ، ولهذا الرّجوع وقبول التّوبة بهذا المعنى اعمال ومواثيق مقرّرة كانت جارية بينهم من لدن آدم (ع) ، وان كانوا لشرافتها والضّنّة بها كتموها من غير أهلها ومحوا أثرها من صدور من اطّلع عليها ورجوع عنها لئلّا تبتذل كسائر رسوم الملّة ، والمستعمل في الكتاب والسّنّة في الأغلب هو التّوبة بهذا المعنى والقابل لهذه التّوبة هو النّبىّ (ص) أو خليفته كما انّ الآخذ للصّدقة أيضا هو النّبىّ (ص) أو خليفته (ع) ، لكنّه لمّا كان مظهرا لله وفانيا ببشريّته فيه خصوصا وقت قبول التّوبة وأخذ الصّدقة نسب قبول التّوبة وأخذ الصّدقة الى نفسه بطريق الحصر بمعنى عدم انفراد الغير ولا مشاركته له تعالى فيه ، هذا إذا كان الآخذ للصّدقة والقابل للتّوبة خلفاءه تعالى ، وامّا إذا كان الآخذ للصّدقة غيرهم كالفقراء السّائلين الآخذين للصّدقات المندوبة أو المفروضة فالأخذ وان لم يكن الهيّا لكنّ المتصدّق بنيّته الالهيّة الّتى هي شرط في اطلاق اسم الصّدقة على ما يعطى يصير الهيّا ومظهرا لله وبصيرورته مظهرا لله يجذب اللّطيفة الالهيّة في الآخذ وان لم يصر الآخذ شاعرا به ، ولذا ورد تقبيل يد الامام أو الآخذ أو السّائل وتقبيل المعطى يد نفسه وتقبيل الخير بعد الرّدّ من يد السّائل ووجه الكلّ قد علم ممّا ذكر (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ) كثير المراجعة على العباد بالعفو والتّوفيق وقبول توبتهم (الرَّحِيمُ) للعباد وقد مضى تحقيق التّوبة ومعنى توّابيّته في اوّل البقرة في مثل هذه الآية (وَقُلِ اعْمَلُوا) تهديد بعد ترغيب (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) الخالصون للايمان المتحقّقون به وهم خلفاء الله بعد رسوله (ص) والّا فأكثر المؤمنين النّاقصين لا اطّلاع لهم على اعمال الغير ، ولذلك ورد بطريق الحصر انّ المراد بالمؤمنون علىّ بن ابى طالب (ع) أو الائمّة (ع) ، فانّ اعمال العباد تعرض صباحا ومساء في الدّنيا على من جعله الله شهيدا على الخلق فاحذروا من ان يعرض منكم ما إذا شوهد يسؤكم وما إذا عرض على إمامكم يسؤه كما في الاخبار ، والسّين للتّأكيد لا للتّسويف أو للتّسويف بتضمين يرى معنى يظهر رؤية الله لا عمالهم (وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ويجازيكم عليه ان خيرا فخير وان شرّا فشرّ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ) عطف على آخرون اعترفوا أو على ما عطف عليه آخرون اعترفوا ، ولمّا كان نزول قوله آخرون اعترفوا في ابى لبابة بن عبد المنذر ، وكان بعد قبول توبته تصدّق بتمام ماله وابى رسول الله (ص) عن أخذ تمام ماله ، وقال يكفيك الثّلث ان تتصّدق به ، وكان نزول قوله خذ من أموالهم صدقة في أخذ صدقته جاء به معترضا بين المعطوف والمعطوف عليه والارجاء التّأخير ، يعنى انّهم مؤخّرون من غير تنجيز بالمغفرة أو العذاب لكونهم واقعين بعد بين الملكوت العليا الّتى هي دار الرّحمة والملكوت السّفلى الّتى هي دار العذاب من غير حكم عليهم بكونهم من أهل احدى الملكوتين. اعلم ، انّ الإنسان بعد البلوغ امّا قادر بحسب قوّته العمّالة والعلّامة على طلب الدّين والاستشعار بخيره وشرّه الانسانيّين اولا ، والثّانى هو المستضعف والاوّل امّا متّصل بنبىّ (ص) أو امام (ع) بالبيعة العامّة أو الخاصّة اولا ، والثّانى امّا منكر لله أو لنبىّ وقته وهو الكافر المحكوم عليه بالعذاب ، أو متحيّر وافق وهو المرجى لأمر الله ، والاوّل امّا موافق اتّصاله ولسانه لجنانه بحسب قوّته العلّامة أو لا ، والثّانى هو المنافق المحكوم عليه بالعذاب سواء كان دخوله وبيعته اكراها أو طوعا ، والاوّل امّا موافق عمله لعلمه ولا يخالف بحسب قوّته العمّالة تبعيّته وعهده اولا ، والاوّل هو المؤمن المحكوم عليه بالرّحمة والثّانى هو الخالط للعمل السّيّئ بالعمل الصّالح الّذى على الله ان يعفو عنه ، فآخرون مرجون