غير تقليد لعالم وقته وكان عمله مطابقا لحكم الله كان باطلا غير مقبول ان كان مقصّرا في ترك التقليد ، والاخبار الدّالّة على وجوب طلب العلم مثل : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ، ومثل : لو يعلم النّاس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللّجج والاخبار الدّالّة على انّ أصناف النّاس ثلاثة : عالم ومتعلّم وغثاء أو همج ، أو سواقط ، كلّما تدلّ على وجوب الطّاعة فانّ العلم على التّحقيق ليس بمحض انتقاش النّفوس بنقوش المحسوسات والمظنونات والمعلومات ، بل هو من شؤن النّفوس وفعليّاتها في طريق الإنسان لانّ انتقاش النّفوس بنقوش المدركات وفعليّاتها وشؤنها إذا لم تكن في طريق الإنسان بل كانت في طريق الشّيطان أو الحيوان لم يكن علما بل يسمّى جهلا عند أهل الله ، والحقّ انّه لا يحصل فعليّة في طريق الإنسان بعد بلوغ الإنسان مبلغ الرّجال الّا باتّباع صاحب الطّريق وطاعته ، فانّ الإنسان لا توجّه له اختيارا من اوّل طفوليّته الّا الى البهيميّة والسّبعيّة ، وإذا بلغ أو ان التّكليف يزداد عليهما الشّيطنة وان كان يحصل له حينئذ زاجر إلهيّ أيضا لكنّ الزّاجر الإلهيّ يكون في غاية الضعف وهذه الثّلاثة في غاية القوّة ولا يمكنه الخلاص من حكومة هذه والسّير على الطريق المستقيم الانسانىّ الّا بالتمسّك بولاية صاحب الولاية الّتى هي العروة الوثقى الّتى لا انفصام لها ، وقوله تعالى (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) اشارة الى الزّاجر الإلهي اعنى الولاية التكوينيّة والى الولاية التكليفيّة يعنى لا يكفى الحبل من الله الّا بضميمة الحبل من النّاس الّذى هو الولاية والطّاعة لولىّ الأمر ، ولعدم حصول العلوم والفعليّات في طريق الإنسان الّا باتّباع الامام أو من اجازه للاقتداء قالوا بطريق الحصر : نحن العلماء وشيعتنا المتعلّمون وسائر النّاس غثاء ، ولعلّ بعضهم لم يتعلّموا ساعة بطريق المعروف بل كان جمّالا أو راعيا أو محترفا ، ولمّا كان حصول الفعليّات والعلوم في طريق الإنسان بسبب الاتّصال المعنوىّ الّذى عبّر عنه بالحبل وكان الاتّصال الصورىّ سببا للاتّصال المعنوىّ وقنطرة له كان الأنبياء (ع) وأوصياؤهم (ع) من لدن آدم (ع) الى الخاتم (ص) مهتميّن بأمر البيعة وعقد الايمان ومعانين فيها ولم يكونوا ليدعوا أحدا من تابعيهم بدون أخذ البيعة والميثاق عنه (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل للأمر بتقوى الله ولمّا أراد تعليل الأمر بالتّقوى بالآلهة وبالمرسليّة وبربوبيّتهم أتى بهذه العبارة فكأنّه قال : جئتكم بآية من ربّكم دالّة على صدقى في ادّعائى الرّسالة فاتّقوا الله في مخالفتي لآلهته وربوبيّته لكم وإرساله ايّاى لانّ صاحب الآلهة هو ربّكم وربّكم مرسلي إليكم (فَاعْبُدُوهُ) اى إذا كان الله ربّكم فاعملوا له اعمال العبيد أو صيروا عبيدا له خارجين من عبوديّة أنفسكم (هذا) المذكور من العبادة واعتقاد الربوبيّة أو من التّقوى والطّاعة للنّبىّ (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) فانّ العبادة والخروج من الانانيّة والدّخول تحت امر الأمر الإلهيّ صراط مستقيم انسانىّ كما سبق وكذا التّقوى الّتى هي الخروج من الانانيّة والاستقلال بالرّأى والطّاعة اى الدّخول تحت امر الآمر الالهىّ صراط مستقيم انسانىّ (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) بعد ما دعاهم الى الله وأتمّ لهم الحجّة والمراد بإحساس الكفر إدراكه اوّل الإدراك ولذا فسّر في الخبر بقوله (ع) لمّا سمع ورأى انّهم يكفرون (قالَ) معرضا عنهم مقبلا على الله داعيا لمن يريد الموافقة له (مَنْ أَنْصارِي) حمل الجمع على لفظ من باعتبار معناه اى من الّذين يذهبون معى بالاعانة لي (إِلَى اللهِ) أو من أنصاري مع الله لإظهار الدّين وإعلانه؟ أو من أنصاري مع الله على معاداة الكفّار ومقاتلتهم؟ ويجوز ان يكون معيّة الله مع الأنصار ومع المنصور ؛ هكذا فسّرت الآية ، لكنّ الاوّل هو المراد لانّه كما نقل كان كلّما احسّ من قوم كفرا ومعاداة اعراض عنهم وفرّ منهم الى قوم آخر (قالَ