وشاهديه ، وقد ذكر في الاخبار طريق الفرار من الرّبوا وما تداولوه من المبايعة على شيء وجعل الرّبح اجرة ذلك الشّيء أو نقله بصلح ونحوه نحو فرار صحيح ، وما قالوا : انّ العقود تابعة للقصود وليس المقصود من ذلك الّا تصحيح الرّبوا فليست المبايعة صحيحة غير صحيح لانّ قصد الفرار من الرّبوا بالعقد قصد صحيح للعقد مأذون في الشّريعة نعم إذا كانت المرابحة خارجة عن قانون الإنصاف كانت من هذه الجهة مذمومة وممحوقة وما يشاهد من محق اموال المرابحين انّما هو لعدم مبالاتهم بالمبايعة وقولهم : انّما البيع مثل الرّبوا ، أو لخروجهم عن قانون الإنصاف (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ) الموعظة التّذكير بما يلين القلب والزّجر عمّا يقسى القلب (مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى) عمّا نهى عنه (فَلَهُ ما سَلَفَ) ممّا أخذ من الرّبوا يعنى انّ الانتهاء عند بلوغ نهى الله اليه محلّل لما أخذه قبل ذلك ، ولا يستردّ منه شيء وهذا يدلّ على انّ من لم يعلم التّحريم وأخذ فاذا علم كان المأخوذ حلالا وفي الخبر عنهما (ع): انّ الموعظة التّوبة لكنّ المراد بها التّوبة عمّا فعل بجهالة لا التّوبة عمّا فعل عن علم ، فانّه لا يكون التّوبة محلّلا لما أكله من مال الغير محرّما (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) لا الى الحكّام حتّى يحكموا عليه بردّ ما اخذه قبل الموعظة (وَمَنْ عادَ) الى الرّبوا بعد ما جاءه الموعظة (فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وفي الخبر : الرّبوا كبيرة بعد البيان ، والاستخفاف بذلك دخول في الكفر. قيل : أكل الرّبوا أسوء حالا من جميع مرتكبي الكبائر لانّه معتمد في رزقه على نفسه وتعيينه ، محجوب عن ربّه ، غير متوكّل عليه ، ومع ذلك يرى انّه محسن في فعله مع انّه مخالف لربّه ويوكّله الله في الدّنيا الى نفسه وتعيينه ، ولذا ترى أموالهم ممحوقة في حيوتهم أو بعد مماتهم (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) يمحوه يعنى المال الحاصل من نفس الرّبوا ، أو المال الّذى فيه الرّبوا ، وافناء المال الرّبوىّ مشهود وان خذل الله واحدا من النّاس ولم يمحق ماله الرّبوىّ يمحق دينه ثمّ يمحق بعده ماله ، ونسب الى الصّادق (ع) انّه قيل له : قد رأى من يأكل الرّبوا يربو ماله فقال : فأىّ محق أمحق من درهم ربوا يمحق الدّين وان تاب منه ذهب ماله وافتقر (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) يعنى في الآخرة أو يربى عوضها فيما أخرجت منه ، وفي الاخبار اشارة إليهما ففي خبر انّ الله يأخذه يعنى مال الصّدقة بيده ويربيه كما يربى أحدكم ولده حتّى تلقاه يوم القيامة وهي مثل أحد ، وفي خبر آخر : ما نقص مال من صدقة (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ) بأمر الله ونهيه والقيد الواقع في سياق النّفى قد يعتبر قيدا للنّفى وقد يعتبر قيدا للمنفىّ واردا عليه النّفى والتّقييد بالكلّ هاهنا من قبيل الاوّل (أَثِيمٍ) منهمك في ارتكاب مناهيه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة فيكون قوله تعالى (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اشارة الى الايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الخاصّة الولويّة فانّ الولاية الّتى هي البيعة الخاصّة أصل جميع الصّالحات ولا صالح الّا بها ولا فاسد معها ، ومنها الايتمار بالأوامر والانتهاء عن المنهيّات (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى الآية بتمام اجزائها في اوّل السّورة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بعد ما ذمّ الرّبوا واهله ومدح الايتمار بالأوامر والانتهاء عن المناهي نادى المؤمنين تلطّفا بهم حتّى يجبر كلفة النّهى بلذّة المخاطبة (اتَّقُوا اللهَ) اى سخطه في مخالفة جميع أوامره ونواهيه خصوصا في الرّبوا (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) يعنى لا تردّوا ما أخذتم منه ولكن ما بقي منه على المدينتين فلا تطالبوه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) شرط تهييجىّ ، في الخبر : انّ الوليد بن المغيرة كان يربى في الجاهليّة