(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) بإرجاعهنّ الى النّكاح من غير عقد كما بيّن لنا (فِي ذلِكَ) الزّمان وامّا بعد ذلك الزّمان يعنى زمان العدّة فالبعولة وغيرهم سواء بحسب الحكم الشّرعىّ وان كانوا بحسب بعض الدّواعى اولى بنكاحهنّ بعقد جديد مثل ان يكون بينهما أولاد صغار لم يكن أحد يتكفّل تربيتهم وغير ذلك (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) اشارة الى انّ من لم يرد إصلاحا لم يكن اولى في نفس الأمر ولم يكن له رجوع في نفس الأمر وان كان الحكم كلّيّا في ظاهر الشّرع وكان له الرّجوع ولا يخفى انّ هذه الآية مثل سابقتها مطلقة مجملة ولكنّ المراد المعتدّة بالعدّة الرجعيّة لا البائنة (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) يعنى في مدّة العدّة كما هو الظّاهر يعنى كما انّ للزوج حقّ الرجوع في العدّة من غير رضى منها فلها عليه النفقة والمسكن في تلك المدّة ، أو المراد انّ للنّساء حين بقاء الزوجيّة وعدم الطّلاق مثل الحقّ الّذى عليهنّ من الرّجال فيكون بيانا لحقوق الطرفين في زمن الزّوجيّة يعنى انّ حقّ الزوج على المرأة ان تطيعه ولا تمنعه من تمتّعاته ولا تخرج من بيتها ولا تدخل في بيتها أحدا ولا تتصرّف في ماله ولا تتصدّق من بيته ولا تصوم تطوّعا ولا تزور حيّا أو ميّتا الّا باذنه ، وتحفظه في نفسها وماله كذلك لها عليه ان ينفق عليها ويكسوها ويسكنها ويوفى حقّ قسامتها كلّ ذلك بحسب حالها واستطاعته (بِالْمَعْرُوفِ) بما لم يكن فيه ضرر وإضرار يمنعه الشّرع (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) بما فضلّهم الله بزيادة العقل وبما كفّلهم الله القيام بامرهنّ ، عن الباقر (ع) انّها جاءت امرأة الى رسول الله (ص) فقالت : يا رسول الله ما حقّ الزّوج على المرأة؟ ـ فقال لها ان تطيعه ولا تعصيه ولا تتصدّق من بيته بشيء الّا باذنه ولا تصوم تطوّعا الّا باذنه ولا تمنعه نفسها وان كانت على ظهر قتب ولا تخرج من بيتها الّا باذنه فان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السّماء وملائكة الأرض وملائكة الغضب وملائكة الرّحمة حتّى ترجع الى بيتها ، فقالت : يا رسول الله من أعظم النّاس حقّا على الرّجل؟ ـ قال : والده ، قالت : فمن أعظم النّاس حقّا على المرأة؟ ـ قال : زوجها قالت : فما لي من الحقّ عليه مثل ما له علىّ؟ ـ قال : ولا من كلّ مائة واحد ، فقالت : والّذى بعثك بالحقّ نبيّا لا يملك رقبتي رجل أبدا (وَاللهُ عَزِيزٌ) يعنى لا ينبغي للرّجال ان يؤاخذوا النّساء بجهالاتهنّ وقصورهنّ في الأفعال بعد ان فضّلهم الله على النّساء فانّ الله عزيز لا يمنعه مانع من إرادته ولا يؤاخذكم بقصوركم وتقصيركم (حَكِيمٌ) لا يجعل في جبلّة الرجال الفضيلة على النّساء ولا يأمر بقيامهم بأمرهنّ ولا في جبلّتهنّ المحكوميّة الّا لحكم ومصالح فلا تخرج المحكومات عن طريق محكوميتهنّ ولا يتعدّ الحاكمون في حكومتهم (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) هذه العبارة من المتشابهات المحتاجة الى البيان فانّها بظاهرها تدلّ على انّها لا تحلّ للزّوج بعد الطّلقتين أو لا يجوز طلاقها بعد الطّلقتين بل يجب إمساكها أو لا يقع الطّلاق دفعة الّا مرّتين ولو قال : زوجتي طالق ثلاثا أو كرّر الصّيغة ثلاثا وليس شيء منها مقصودا والمقصود انّ الطّلاق الجاري على سنّة الطّلاق وهي ان يكون للزّوج رجعة في العدّة مرّتين (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) بعد هما بان لا يطلّق ويمسك المرأة بشيء من المعروف لا بجهة الإضرار (أَوْ) تطليق (تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) اى متلبّس بشيء من الإحسان وهذا الّذى فسّر الآية في الاخبار به (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَ) من المهر وغيره (شَيْئاً) حقّ العبارة ان يقول : لا يحلّ لهم اى لبعولتهنّ المذكورين سابقا لكن لمّا كان الغالب انّ أخذ المهر أو أزيد أو اقلّ من النّساء لا يكون الّا بمعونة المصلحين