مات فيها إلى الخلاء خمسا وعشرين مرة ، كلّ مرّة يجدّد الوضوء ، فلما أحسّ بالموت قال : أوتروا لي قوسي ، وقبض على قوسه ، فتوفّي وهو في يده ، فدفن في جزيرة في البحر في بلاد الروم (١).
أخبرونا عن ابن اللّتّي ، أنا جعفر المتوكّليّ ، أنا ابن العلّاف ، ثنا الجهاميّ ، أنا جعفر الخلديّ ، حدّثني إبراهيم بن نصر ، ثنا إبراهيم بن بشّار الصوفي ، سمعت إبراهيم بن أدهم يقول : وأيّ دين لو كان له رجال من طلبة العلم لله كان الخمول أحبّ إليه من التطاول ، وقال : والله ما الحياة بثقة يرجى نومها ، ولا المنيّة بعذر فيؤمن غدرها ، ففيم التفريط والتقصير والاتّكال والإبطاء ، قد رضينا من أعمالنا بالمعاني ، ومن طلب التوبة بالتواني ، ومن العيش الباقي بالعيش الفاني.
__________________
(١) تهذيب تاريخ دمشق ٢ / ١٩٩ ، وفي تاريخ وفاته ومكانها خلاف ، فالمزّي يذكر في تهذيب الكمال (٢ / ٣٦ ، ٣٧) نقلا عن البخاري : مات إبراهيم بن أدهم سنة إحدى وستين ومائة. ودفن بسوقين ، حصن ببلاد الروم. وكذا نقل ابن عساكر (٢ / ١٩٩) وتحرّف اسم الحصن في التهذيب لابن عساكر إلى «سوفنن» ، وقال : المحفوظ أنه مات سنة اثنتين وستين ومائة .. وقيل : سنة ثلاث. (٢ / ١٩٩).
وذكر ياقوت حصن (سوقين) (معجم البلدان ٣ / ٢٨٥) ونقل النص نفسه عن ابن عساكر ، من رواية البخاري.
وأقول : ليس في مصنّفات البخاري أيّ ذكر لتاريخ وفاة ابن أدهم ولا لمكان وفاته.
وقال ابن حبّان : مات في بلاد الروم غازيا سنة إحدى وستين ومائة. (مشاهير علماء الأمصار ٨٣ رقم ١٤٥٥ ، الثقات ٦ / ٢٤).
وقال أبو نعيم في (حلية الأولياء ٨ / ٩) إن ابن أدهم غزا غزوة فمات في الجزيرة فحمل إلى صور فدفن في موضع يقال له مدفلة ، فأهل صور يذكرونه في تشبيب أشعارهم ولا يرثون ميتا إلا بدءوا بإبراهيم ، قال القاسم بن عبد السلام : قد رأيت قبره بصور. وفي صفة الصفوة ٤ / ١٥٨ أيضا أنه دفن بصور. وجاء في حاشية إحدى نسخ (فوات الوفيات ١ / ١٣) أن وفاة ابن أدهم كانت في الساحل قريبا من طرابلس وليس في جزيرة. وذهب بعضهم إلى أنه توفي بدمشق ودفن في مرج غوطتها. (معالم وأعلام ـ أحمد قدامة ـ ق ١ / ج ١ / ١٧ ـ طبعة دمشق ١٩٦٥). والمشهور أن ابن أدهم مدفون في جبلة على ساحل الشام. (الإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي ٢٣ و ٢٩) و (مهذّب رحلة ابن بطوطة ١ / ٦٤).
وقد وقع في وفيات الأعيان ١ / ٣٣ أنه مات في الجزيرة وحمل إلى صور فدفن هناك سنة ١٤٠ ه. (وهذا وهم).