(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ / وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٣ ـ ١٤ : هود) .. ثم تحدّاهم ـ سبحانه ـ بسورة واحدة ، فقال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٣ : البقرة).
وإذ عجز القوم أن يقفوا هذا الموقف ، وأن ينزلوا إلى هذا الميدان ، إذ رأوا أن ما ينسجونه من تلك الأخبار ، لا يعدو أن يكون رقعا مهلهلة ، وخرقا بالية ، لا يلتفت إليها أحد ، وهي في مواجهة هذا النسج الإلهى ، المعجب ، المعجز ـ نقول إذ عجز القوم عن هذا ، فإنهم لجأوا إلى أسلوب آخر ، يروّجون به لهذا الزيف ، ويغرون الناس بالإقبال عليه ، بهذا الأسلوب الذي يقدمونه به ، ويعرضونه فيه .. فجلبوا القيان ، وعقدوا لهنّ مجالس السّمر والغناء ، حيث يغنون ويرقصون ، ثم يحىء في أثناء ذلك من يقصّ عليهم ضروبا من القصص الخرافيّ ، لا تجد لها مساغا في الآذان إلا في هذا الجوّ الذي دارت فيه الرءوس ، وغايت العقول ، بين الكأس ، والرقص! .. حتى إذا صحا القوم من خمارهم ، طارت هذه الخرافات ، كما تطير أضغاث الأحلام .. وإلى هذا يشير قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦ : لقمان).
قوله تعالى :
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ).
والضمير فى «نزلناه» يعود أيضا إلى هذا القصص ، الذي جاء في الآيات السابقة .. كما يمكن أن يعود إلى القرآن الكريم كلّه ، إذ كان هذا القصص