لا بصيرة لهم ، فيصير
رئيساً عليهم ، ويصعب عليه مفارقة عز التقدم عليه .
ومنها : محبة أسهل المذاهب ، ذي
الرُخَّص في ارتكاب الفواحش واللذات ، استصعاباً للعلم ، واستنثّقالاً للعمل ، وميلاً
إلى الراحة ، ورغبة في الاباحة ، ولهذا يسرع كثير من الناس إلى مذاهب الغلاة
والمسقطين للتكليف والأعمال ، وقد جذبهم إلى ذلك انضمامهم في المَوَدّات
والمخالطات ، فبادر نحوهم الراغب في هذا الشأن ، وانضم إليهم كل فقيرمحتاج ، قليل
الدين.
ومنها : اتباع الأكثر ، والكون ، في
جملة السواد الأعظم ، استيحاشاً من القلة ، وهذا مما ضلت به الحشوية.
ومنها : الإشتغال باُمور الدنيا عن
الدين ، والإنقطاع إلى مخالطة التجار والمتكسبين ، حتى تلهي الإنسان دنياه عن
النظر في الآخرة ، فلا يجعل لنفسه وقتاً من زمانه يهتم فيه لأمر دينه.
ومنها : عدم مجالسة العلماء ، وترك
الإطلاع في الدلائل العقليات ، واستماع أقوال الجاهلية الأغنياء ، والإقتصار على
الحكايات والخرافات.
ومنها : إن الجاهل يرى التقليد في الدين
، أروح له من طلب العلوم والبحث فيها ، وهذا يورث العمى والصمم.
ومنها : قبول قول احاد أخبار السمع ، التي
لاتوجب علماً ولا عملاً ، حتى تألفه النفس ، ويميل إليه الطبع ، فلا يكاد الإنسان
يرتاح إلا إليه ، ولا يعتمد إلا عليه.
ومنها : محبة المذهب الغريب.
ومنها : الأخذ بالقول المستطرف العجيب ،
لا سيما إذا كان مصوناً بين أهله ، مكتوماً عند العاملين به ، حتى يظن المعتمد
عليه أنه قد ظفر بالبغية ، ووجد الدرة المكنونة ، وهذا يحول بين المرء والرشاد ، ويسوقه
إلى الضلال والفساد ، فإن اجتمع له مع هذا الجهل سببان أو اسباب ، عظمت به المحنة
والرزية ، وتعذر عليه الصواب. ثم إن العادة هي الآفة الكبرى ، والداهية العظمى ، وهي
الطبع الثاني ، والخلق الثابت.
فاحترز ـ يا أخي ـ من هذه الأخطار ، وفقك
الله وسددك ، وهداك وأرشدك ، ولا تأنس بشيء منها عن ادراك الحقائق ، وكن فطناً متيقظاً
حذراً متحفظاً
__________________