كانت قد افتقدتها زمنا طويلا ، ولكن ما إن كادت هذه الصحوة الإنسانية تسفر عن وجهها ، حتى تصدّى لها اليهود ، فدخل كثير منهم فى المسيحية كذبا ، واجتهد كثير منهم فى الدعوة ، زورا وبهتانا ، حتى إذا بلغ مكانة بين المسيحيين ، لعب بالدين ، ومسخ تعاليمه ، وجاء إلى الناس بالمفتريات والأباطيل ، حتى كانت تلك الحروب التي اشتعلت فى أوربا بين العلم والدين ، وإذا العلم فى مواجهته للدّين يجد الطريق مهيأة له ، للنّيل منه ، بل والقضاء عليه ، فأجلاه عن موطنة من القلوب التي كانت تجد فيما احتفظت به من دين ، شيئا تمسك به ، وتحرص عليه!
ومن هنا كان هذا الإلحاد الذي طغى على المجتمع الغربي كله فى أوربا وأمريكا .. وإذا الحياة هناك حياة ماديّة طاغية ، تعصف بالناس عصفا ، وتسوقهم سوقا عنيفا إلى هذا الصراع المرير ، الذي أشعل نار الحرب ، فشملت العالم كلّه ، ودارت دورتها مرتين فى أقل من ربع قرن من مطلع هذا القرن الذي نعيش فيه ـ القرن العشرين الميلادى ـ دون أن يكون هناك وازع من الدّين يحمى الناس من هذا الضّياع المستولى عليهم ، ودون أن يكون لدعوة المسيح عليهالسلام أي أثر فى إقامة الناس على الأمن والسلام اللذين جاء مبشرا بهما.
واليهود ، هم تجار هذه الحروب الدائرة فى كل صقع من هذا العالم ، يجنون منها مكاسبها ، ويجمعون من مخلّفات رمادها الشيء الكثير!
فهم ـ أولا ـ يشبعون نقمتهم من الإنسانية ، بهذه الأنهار المتدفقة من الدماء المراقة من الناس ، على اختلاف أجناسهم وأديانهم!
وهم ـ ثانيا ـ يقطعون علائق المودة والإخاء بين الناس ، بهذه الحروب التي لا تنقطع أبدا.
وهم ـ ثالثا ـ يشترون الذّمم والضمائر ، التي تروج سوقها أعظم رواج ،