منع قائم على حواجز وحوائل ، تمنع من امتثال الأمر ، وتحول بين المأمور وبين إتيان ما أمر به ، أم أنه منع قائم على أوهام وضلالات ، ومستند على محامل وعلل من الوهم والضلال؟
والجواب ، أنه ليس هناك منع على الحقيقة ، وإنما هى علل فاسدة ، ومحامل باطلة ، اتخذ منها هذا الشقىّ ذريعة يتذرع بها إلى عصيان ربّه ، وعذرا يعتذر به إليه.
ولهذا كان النفي للمنع مطلوبا هنا ، حيث لا سبب للمنع على الحقيقة.
ثالثا : فى مساءلة الله سبحانه وتعالى لإبليس ، فى غير هذا الوضع ، جاء قوله تعالى:
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (٣٢ : الحجر)
فقوله تعالى : (ما لَكَ) هو بمعنى «ما منعك»؟ حيث لا منع ، وإنما هو ـ كما قلنا ـ ضلالات وأوهام من قبل إبليس ، لا وزن لها ، ولا معتبر فى ميزان الحق ..
هذا ، وقد جاء فى موقف آخر قوله تعالى : (قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥ : ص) ـ جاء من غير حرف النفي «لا» ولكن جاء بعده ، ما يكشف عن تعلّات إبليس وأوهامه المندسّة فى صدره ، فقال تعالى : (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ)؟ فهو الاستكبار والتعالي ، وتلك موانع اصطنعها إبليس ، وأقامها من ضلاله وجهله ..
رابعا : فى النظم القرآنى جاءت مساءلة إبليس فى ثلاث مواضع .. هكذا ..
١ ـ (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) .. (١١ : الأعراف)