ومن هذه المقولات
قول أبى حنيفة فى النبيذ : «الأنبذة كلها حلال إلا أربعة أشياء : الخمر ، والمطبوخ
إذا لم يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ، ونقيع التمر فإنه السّكر ، ونقيع الزبيب» ..
ويعلّق ابن حزم على هذا بقوله : «ولا خلاف عن أبى حنيفة فى أن نقيع «الدوشاب » عنده حلال وإن أسكر ، وكذلك نقيع الرّبّ ، وإن أسكر».
وقال أبو يوسف ـ صاحب
أبى حنيفة ـ : كل شراب من الأنبذة يزداد جودة على الترك فهو مكروه ، ولا أجيز بيعه
، ووقته عشرة أيام ، فإذا بقي أكثر من عشرة أيام فهو مكروه ، فإن كان فى عشرة أيام
فأقل ، فلا بأس.»
وقال محمد بن
الحسن ـ صاحب أبى حنيفة ـ : ما أسكر كثيره مما عدا الخمر أكرهه ولا أحرمه.
«فإن صلّى إنسان
وفى ثوبه منه أكثر من قدر الدرهم البغلىّ بطلت صلاته وأعادها أبدا» ويعلّق ابن حزم
على هذا بقوله : فاعجبوا لهذه السخافات ، لئن كانت تعاد منه الصلاة أبدا ، فهو نجس
، فكيف يبيح شرب النجس ، ولئن كان حلالا فلم تعاد الصلاة من الحلال؟ ونعوذ بالله
من الخذلان!!
ثم يعلق ابن حزم
على هذه الآراء جميعها ـ رأى أبى حنيفة وصاحبيه ، فيقول : «فأول فساد هذه الأقوال
أنها كلها أقوال ليس فى القرآن شىء يوافقها ولا شىء من السنن ، ولا فى شىء من
الروايات الضعيفة ، ولا عن أحد من الصحابة رضى الله عنهم ، ولا عن أحد من التابعين
ولا عن أحد من خلق الله ، قبل أبى حنيفة ، ولا أحد قبل أبى يوسف فى تحديده عشرة
أيام ..
«فيالعظم مصيبة
هؤلاء القوم فى أنفسهم ، إذ يشرّعون الشرائع ، فى الإيجاب
__________________