ومفاتح الغيب :
مفاتيحه التي تفتح بها خزائنه المودع فيها الغيب .. والغيب : ما غاب عنا إدراكه
بحواسنا أو بعقولنا.
والمعنى : أن
الغيب المحجب عنا فى أطواء الزمان أو المكان ، هو مما استأثر الله ـ سبحانه ـ بعلمه
وأن ما يضمره هؤلاء الظالمون ، من شر ، وما يبيتونه من سوء ، هو واقع فى علم الله ،
وسيحاسبون على كل صغيرة وكبيرة منه
والتعبير عن الغيب
بأنه مودع فى خزائن ، وأن هذه الخزائن لها مفاتيح ، وأن هذه المفاتيح لا يعلمها
إلا الله ـ فى هذا إشارة إلى أن الغيب الذي استأثر الله بعلمه ، أبعد من أن ينال ،
أو أن يطلع عليه أحد ، إلا لمن أذن له الرحمن ، ممن اصطفاه من خلقه.
وفى هذا يقول
سبحانه : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (٢٦ ـ ٢٧ : الجن).
وإظهار الرسول على
الغيب ، هو إعلامه به من قبل الله تعالى ، بما يوحى إليه من أنباء الغيب ، كما
يقول سبحانه : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ
الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ
قَبْلِ هذا) (٤٩ : هود).
وقوله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) هو بيان لبعض علم الله .. وتخصيص البر والبحر ، لأنهما مما
يقعان تحت حواسنا ، وقوعا دائما متصلا .. ومع هذا فإنهما مما هو غيب عنا ، إذ أن
كل ما نعلم من أمرهما هو قليل قليل إلى ما لا نعلم .. ثم إن هذا العلم الذي نعلمه
هو جهل بالنسبة لعلم الله ، الذي يعلم حقائق الأشياء ، وما أودع فيها من أسرار ،
أما علمنا فهو واقف عند ظواهرها ، لا ينفذ إلى الصميم من أعماقها.