الرابعة : التوحيد
في التشريع والتقنين
لا شكّ أنّ حياة
الإنسان الاجتماعية رهن قانون ينظم أحوال المجتمع البشري ويقوده إلى الكمال وهو لا
يتحقّق إلّا في ظلّ قانون يحقّق السعادة الإنسانية ، فبما أنّ خالق الإنسان أعرف
بخصوصيات المخلوق وما يصلحه ويفسده فهو أولى بالتشريع والتقنين بل هو المتعين له ،
قال سبحانه : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ
خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك / ١٤).
إنّ القرآن الكريم
لم يعترف بتشريع سوى تشريعه سبحانه ، ولا بقانون سوى قانونه فهو ، يرى الله سبحانه
هو المشرع المحيط الذي يحقّ له التقنين خاصة ، وأمّا وظيفة غيره فهو تنفيذ القانون
الإلهي.
قال سبحانه : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (يوسف / ٤٠)
والمراد من الحكم
في قوله : (إِنِ الْحُكْمُ) هو الحكم التشريعي بقرينة قوله (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا
إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ).
وقال سبحانه : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة / ٥٠).
إنّ هذه الآية
تقسم القوانين الحاكمة على البشر إلى قسمين : إلهي ، وجاهليّ ، وبما أنّ ما كان من
صقع الفكر البشرى ليس إلهياً فهو بالطبع يكون حكماً جاهلياً.
وقال سبحانه : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ
اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (المائدة / ٤٤).
وقال سبحانه : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ
اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة / ٤٥).
وقال : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ
اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)