إذا عدل عنه ، وأرض مأفوكة : محرومة المطر والنّبات ، كأنّ ذلك صرف عنها وعدل.
(قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦))
قوله تعالى : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) قال مقاتل : قل لنصارى نجران : أتعبدون من دون الله ، يعني عيسى ما لا يملك لكم ضرّا في الدنيا ، ولا نفعا في الآخرة. والله هو السّميع لقولهم : المسيح ابن الله ، وثالث ثلاثة ، العليم بمقالتهم.
(قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧))
قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) قال مقاتل : هم نصارى نجران. والمعنى : لا تغلوا في دينكم ، فتقولوا غير الحقّ في عيسى. وقد بيّنّا معنى «الغلو» في آخر سورة (النّساء). قوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ) قال أبو سليمان : من قبل أن تضلّوا. وفيهم قولان : أحدهما : أنهم رؤساء الضّلالة من اليهود. والثاني : رؤساء اليهود والنّصارى ، والآية خطاب للذين كانوا في عصر نبيّنا صلىاللهعليهوسلم نهوا أن يتّبعوا أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم.
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨))
قوله تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) في لعنهم قولان :
أحدهما : أنه نفس اللعن ، ومعناه المباعدة من الرّحمة. قال ابن عباس : لعنوا على لسان داود ، فصاروا قردة ، ولعنوا على لسان عيسى في الإنجيل. قال الزجّاج : وجائز أن يكون داود وعيسى أعلما أنّ محمّدا نبيّ ، ولعنا من كفر به. والثاني : أنه المسخ ، قاله مجاهد ، لعنوا على لسان داود فصاروا قردة ، وعلى لسان عيسى ، فصاروا خنازير. وقال الحسن ، وقتادة : لعن أصحاب السّبت على لسان داود ، فإنهم لمّا اعتدوا ، قال داود : اللهمّ العنهم ، واجعلهم آية ، فمسخوا قردة. ولعن أصحاب المائدة على لسان عيسى ، فإنّهم لمّا أكلوا منها ولم يؤمنوا ؛ قال عيسى : اللهمّ العنهم كما لعنت أصحاب السّبت ، فجعلوا خنازير.
قوله تعالى : (ذلِكَ بِما عَصَوْا) أي : ذلك اللعن بمعصيتهم لله تعالى في مخالفتهم أمره ونهيه ، وباعتدائهم في مجاوزة ما حدّه لهم.
(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩))
قوله تعالى : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) التّناهي : تفاعل من النّهي ، أي : كانوا لا ينهى بعضهم بعضا عن المنكر. وذكر المفسّرون في هذا المنكر ثلاثة أقوال : أحدها : صيد السّمك يوم السّبت. والثاني : أخذ الرّشوة في الحكم. والثالث : أكل الرّبا ، وأثمان الشّحوم. وذكر المنكر منكّرا يدلّ على الإطلاق ، ويمنع هذا الحصر ، ويدلّ على ما قلنا :