إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]

43/606
*

يريد : لكي نكفّ ، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل وقطرب وابن كيسان.

والثاني : أنها بمعنى التّرجّي ، ومعناها : اعبدوا الله راجين للتقوى ، ولأن تقوا أنفسكم ـ بالعبادة ـ عذاب ربكم. وهذا قول سيبويه. قال ابن عباس : لعلّكم تتقون الشرك ، وقال الضّحّاك : لعلّكم تتقون النار. وقال مجاهد : لعلّكم تطيعون.

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢))

قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً). إنّما سمّيت الأرض أرضا لسعتها ، من قولهم : أرضت القرحة : إذا اتسعت ، وقيل : لانحطاطها عن السّماء ، وكل ما سفل : أرض ، وقيل : لأن الناس يرضّونها بأقدامهم ، وسمّيت السماء سماء لعلوّها. قال الزّجّاج : وكل ما علا على الأرض فاسمه بناء ، وقال ابن عباس : البناء ها هنا بمعنى السّقف.

قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) ، يعني : من السحاب ، (ماءً) يعني المطر. (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) ، يعني : شركاء ، أمثالا. يقال : هذا ندّ هذا ، ونديده. وفيما أريد بالأنداد ها هنا قولان : أحدهما : الأصنام ، قاله ابن زيد. والثاني : رجال كانوا يطيعونهم في معصية الله ، قاله السّدّيّ. قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). فيه ستة أقوال : أحدها : وأنتم تعلمون أنه خلق السماء ، وأنزل الماء ، وفعل ما شرحه في هذه الآيات ، وهذا المعنى مرويّ عن ابن عباس وقتادة ومقاتل. والثاني : وأنتم تعلمون أنه ليس ذلك في كتابكم التوراة والإنجيل ، روي عن ابن عباس أيضا ، وهو يخرج على قول من قال : الخطاب لأهل الكتاب. والثالث : وأنتم تعلمون أنه لا ندّ له ، قاله مجاهد. والرابع : أن العلم ها هنا بمعنى العقل ، قاله ابن قتيبة. والخامس : وأنتم تعلمون أنه لا يقدر على فعل ما ذكره أحد سواه. ذكره شيخنا عليّ بن عبيد الله. والسادس : وأنتم تعلمون أنها حجارة ، سمعته من الشيخ أبي محمّد بن الخشّاب.

(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣))

قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ). سبب نزولها أن اليهود قالوا : هذا الذي يأتينا به محمد لا يشبه الوحي ، وإنا لفي شكّ منه ، فنزلت هذه الآية. وهذا مرويّ عن ابن عباس ومقاتل. و «إن» ها هنا لغير شكّ ، لأن الله تعالى علم أنهم مرتابون ، ولكن هذا عادة العرب ، يقول الرجل لابنه : إن كنت ابني فأطعني. وقيل : إنها ها هنا بمعنى إذ ، قال أبو زيد : ومنه قوله تعالى : (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١). قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) ، قال ابن قتيبة : السورة تهمز ولا تهمز ، فمن همزها جعلها من أسأرت ، يعني أفضلت كأنها قطعة من القرآن ، ومن لم يهمزها جعلها من سورة البناء ، أي منزلة بعد منزلة. قال النّابغة في النّعمان :

__________________

(١) البقرة : ٢٧٨.