إعدادات
زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]
زاد المسير في علم التفسير [ ج ١ ]
المؤلف :أبي الفرج عبد الرحمن بن علي [ ابن الجوزي ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتاب العربي ـ بيروت
الصفحات :606
تحمیل
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) (١) ، ثم نزلت : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
فأما التفسير ؛ فالطّلاق : التّخلية. قال ابن الأنباريّ : هي من قول العرب : أطلقت الناقة ، فطلقت : إذا كانت مشدودة ، فأزلت الشدّ عنها ، وخلّيتها ، فشبّه ما يقع للمرأة بذلك ، لأنها كانت متّصلة الأسباب بالرجل ، وكانت الأسباب كالشّدّ لها فلما طلّقها قطع الأسباب. ويقال : طلقت المرأة وطلّقت. وقال غيره : الطّلاق : من أطلقت الشيء من يدي ، إلا أنهم لكثرة استعمالهم اللفظتين فرّقوا بينهما ، ليكون التّطليق مقصورا في الزوجات. وأمّا القروء : فيراد بها : الأطهار ، ويراد بها الحيض. يقال : أقرأت المرأة إذا حاضت ، وأقرأت : إذا طهرت.
(١١٣) قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم في المستحاضة : «تقعد أيام أقرائها» ، يريد : أيام حيضها.
وقال الأعشى :
وفي كلّ عام أنت جاشم غزوة |
|
تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا (٢) |
مورّثة مالا ، وفي الحيّ رفعة |
|
لما ضاع فيها من قروء نسائكا |
أراد بالقروء : الأطهار ، لأنه لما خرج عن نسائه أضاع أطهارهنّ. واختلف أهل اللغة في أصل القروء على قولين : أحدهما : أن أصله الوقت ، يقال : رجع فلان لقرئه ، أي : لوقته الذي كان يرجع
____________________________________
(١١٣) ضعيف. أخرجه الدارقطني ١ / ٢١٢ عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، قالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصّلاة؟ فقال : «دعي الصّلاة أيام أقرائك ، ثم اغتسلي وصلّي وإن قطر الدم على الحصير». وقال غيره عن وكيع «وتوضئي لكل صلاة». وهو معلول. قال الدارقطني : قال يحيى بن سعيد : الثوري أعلم الناس بهذا ، زعم أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئا ، ونقل الآبادي في «التعليق المغني» عن البيهقي في «المعرفة» قوله : حديث حبيب بن أبي ثابت ضعفه يحيى القطان وعلي المديني وابن معين ، وكذا الثوري ا. ه ملخصا. ولو صح هذا اللفظ لكان فيصلا في هذه المسألة إلّا أن عدم ثبوته جعل الناس مختلفين في شأن «القرء» هل المراد الطهر أو الحيض والله تعالى أعلم ، وقد صح هذا الخبر موقوفا كما رجح غير واحد ؛ وهو الصواب ، والمرفوع بهذا اللفظ ضعيف.
ـ وأصل الخبر في «الصحيح» دون لفظ «أقرائك». أخرجه البخاري ٢٢٨ و ٣٠٦ و ٣٢٠ و ٣٣١ ومسلم ٣٣٣ وأبو داود ٢٨٢ والترمذي ١٢٥ والنسائي ١ / ٨١ و ٨٥ و ١٨٦ ومالك ١ / ٦١ والشافعي ١ / ٣٩ ـ ٤٠ وعبد الرزاق ١١٦٥ وابن أبي شيبة ١ / ١٢٥ والدارمي ١ / ١٩٩ وابن حبان ١٣٥٠ والطحاوي في «المعاني» ١ / ١٠٢ والبيهقي ١ / ٢٠٦ و ٢٠٧ وأبو عوانة ١ / ٣١٩ وابن الجارود ١١٢ والبيهقي ١ / ٣٢٣ و ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٣٢٧ و ٣٢٩ من طرق عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة ، قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة أستحاض فلا أطهر ، أفأدع الصّلاة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا إنما ذلك عرق ، وليس بالحيضة ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصّلاة ، وإذا أدبرت ، فاغسلي عنك الدم ثم صلي. قال : وقال أبي : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. وانظر «تلخيص الحبير» ١ / ٧١.
__________________
(١) الطلاق : ١.
(٢) في اللسان : جشم الأمر تكلّفه على مشقة. والعزم : الجدّ. والعزاء : الصبر.