(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) (٤٢)
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) في موضع جزم بالشرط ، والنون للتوكيد ولو لا هي لكانت الباء ساكنة وكذا (أَوْ نُرِيَنَّكَ) في موضع جزم ، ولو لا النون لحذفت الياء ولكنها بنيت معها على الفتح.
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٤٤)
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : إن القرآن لشرف لك ولقومك ، وتأوّل هذا مجاهد على أنه شرف لقريش ، قال يقال : ممّن الرجل؟ فيقال : من العرب فيقال : من أيّ العرب؟ فيقول : من قريش. وقال غيره : قومه هاهنا من آمن به وكان على منهاجه. وقيل : معنى (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ) وإنّ الذي أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لذكر أي أنزل لتذكروا به وتعرفوا أمر دينكم.
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٥)
قال أبو جعفر : في هذه الآية إشكال ؛ لأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لا يحتاج مسألة. وقد ذكرنا قول جماعة من العلماء فيها فمنهم من قال : في الكلام حذف ، والتقدير : واسأل من أرسلنا إليه من قبلك رسلا من رسلنا ، قال : والخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد المشركون به. قال أبو جعفر : أما حذف رسل هاهنا فجائز لأن من رسلنا يدلّ عليه ، كما قال الشاعر : [الوافر]
٤١١ ـ كأنّك من جمال بني أقيش (١)
والتقدير : كأنك جمل من جمال بني أقيش ، وأمّا حذف إليه فلا يجوز لو قلت : مررت بالذي ضربت أو بالذي قام وأنت تقدّر حذف حرف الخفض والمضمر لم يجز وإنما يجوز حذف المضمر الذي في الصلة وقوله : المخاطب النبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد به المشركون ، كلام فيه نظر. والقول في الآية ـ والله جلّ وعزّ أعلم ـ ما قاله قتادة قال : سل أهل الكتاب أأمر الله جلّ وعزّ إلّا بالتوحيد والإخلاص. وشرح هذا من العربية قل : يا محمد لمن عبد الأوثان سل أمم من قد أرسلنا من رسلنا أي من آمن منهم هل أمر الله جلّ وعزّ أن يعبد وثن أو يعبد معه غيره؟ فإنهم لا يجدون هذا في شيء من الكتب ، ثم حذفت أمم وأقيمت «من» مقامها ، مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢].
(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) (٤٩)
(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) وقرأ ابن عامر (يا أَيُّهَا) (٢) (السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ) «الساحر» نعت لأيّ على اللفظ ، ولا يجوز النصب إلا في قول المازني على الموضع لأن موضع أي نصب. قال أبو إسحاق : إن قال قائل : كيف قالوا يا أيّها الساحر وقد زعموا أنهم
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٩٠).
(٢) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٥٨٣.