أيقن إلّا أن الفراء شرحه بأنه لا يجوز في المعاني أن يكون الظنّ بمعنى اليقين. وعن عمر بن الخطاب أنه قرأ (أَنَّما فَتَنَّاهُ) (١) بتشديد التاء والنون على التكثير ، وعن قتادة أنه قرأه. إنما فتناه بتخفيفهما. (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً) على الحال.
(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) في موضع نصب بغفرنا ، ويجوز أن يكون في موضع رفع أي الأمر ذلك (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى). قال مجاهد عن عبيد بن عمر قال : الزلفى الدنو من الله جلّ وعزّ يوم القيامة.
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) أي مكّنّاك لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فتخلف من كان قبلك من الأنبياء والأئمة الصالحين. (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بفتح الياء بلا اختلاف فيها ، وهو فعل لازم ولو ضممت الياء كان متعدّيا (بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) أي تركوا العمل. يقال : نسي الشيء إذا تركه.
وشرح هذا أنهم كانوا يقولون : ليست ثمّ عقوبة ولا نار فالكافر والعاصي يسعدان باللذات وغصب الأموال ، والمظلوم يشقى ، لأنهما يصيران إلى شيء واحد ، فرد الله جل وعز هذا عليهم بأنه ما خلق السّماء والأرض وما بينهما باطلا ؛ لأن الذين ادعوه باطل وذلك منهم ظنّ وبيّن ذلك جلّ وعزّ بقوله : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) فكان في هذا ردّ على المرجئة ؛ لأنهم يقولون : يجوز أن يكون المفسد كالمصلح أو أرفع درجة منه ، وبعده أيضا (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ) بمعنى هذا كتاب. (مُبارَكٌ) من نعته.
(نِعْمَ الْعَبْدُ) مرفوع بنعم.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٧٧.