بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣٠)
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) للنحويين في هذا أقوال : فمن أحسنها أنه مرفوع على إضمار مبتدأ والتقدير صاحبنا عزير ، وأنشد الأخفش : [الطويل]
١٨٣ ـ لعمرك ما أدري وإن كنت داريا |
|
شعيب بن سهم أم شعيب بن منقر (١) |
ويجوز أن يكون (عُزَيْرٌ) رفع بالابتداء و (ابْنُ) خبره ، ويحذف التنوين لالتقاء الساكنين أجاز سيبويه مثل هذا بعينه ، وقول ثالث لأبي حاتم قال : لو قال قائل إنّ عزيرا اسم عجمي فلذلك حذفت منه التنوين. قال أبو جعفر : هذا القول غلط لأن عزيرا اسم عربيّ مشتق قال الله جلّ وعزّ (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [الفتح : ٩] ولو كان عجميا لانصرف لأنه على ثلاثة أحرف في الأصل ثم زيدت عليه ياء التصغير ، وقد قرأ القراء من الأئمة في القراءة واللغة (عُزَيْرٌ) منوّنا. قرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبان بن تغلب وعاصم والكسائي (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) وهذا بيّن على الابتداء والخبر وكذا (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وكذا (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) ، وقرأ عاصم وطلحة (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) وجعل الهمزة من الأصل وقدّر ضهيئا فعيلا. وترك الهمز أجود لأنه لا نعلم أحدا من أهل اللغة حكى أنّ في الكلام فعيلا وإذا لم يهمز قدّر ظهياء فعلاء ، الهمزة زائدة كما زيدت في شأمل وغرقئ إلا أنه يجوز أن يكون فعيلا لا نظير له كما أن كنهبلا فنعلل لا نظير له كما أن قرنفلا فعنلل لا نظير له.
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣١)
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) مفعولان. (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) منصوب على إضمار فعل ويجوز أن يكون عطفا.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢)
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان.
__________________
(١) الشاهد للأسود بن يعفر في ديوانه ٣٧ ، والكتاب ٣ / ١٩٧ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ١١٣ ، وشرح شواهد المغني ص ١٣٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٣٨ ، ولأوس بن حجر في ديوانه ٤٩ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٢٨ ، وللأسود أو للعين المنقري في الدرر ٦ / ٩٨ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٢١ ، ولسان العرب (شعث) ، والمحتسب ١ / ٥٠ ، ومغني اللبيب ١ / ٤٢ ، والمقتضب ٣ / ٢٩٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٣٢.
(٢) انظر البحر المحيط ٥ / ٣٢ ، وباقي السبعة بغير همز.