(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (٢٥)
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) قال الفراء (١) : لم ينصرف مواطن لأنه جمع ليس لها نظير في المفرد وليس لها جماع ، إلّا أن الشاعر ربما اضطرّ فجمع وليس يوجد في الكلام ما يجوز في الشعر ، وأنشد : [الرجز]
١٨٢ ـ فهنّ يعلكن حدائداتها (٢)
قال أبو جعفر : رأيت أبا إسحاق يتعجّب من هذا قال : أخذ قول الخليل رحمهالله وأخطأ فيه لأن الخليل يقول لم ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد ولا يجمع جمع التكسير فأما بالألف والتاء فلا يمتنع.
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) ظرف أي ونصركم يوم حنين. وانصرف حنين لأنه مذكر اسم واد ومن العرب من لا يجريه يجعله اسما للبقعة ، (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ) حذفت الياء للجزم.
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (٢٦)
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي أنزل عليهم ما يسكّنهم ويذهب خوفهم حتى اجترءوا على قتال المشركين. (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وهم الملائكة يقوّون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت ويضعفون الكافرين بالتجبين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال لأن الملائكة صلوات الله عليهم لم تقاتل إلا في يوم بدر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٨)
(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) ابتداء وخبر. (فَلا يَقْرَبُوا) نهي فلذلك حذفت منه النون.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ
__________________
ـ الأزهية ص ١٩١ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٨٥ ، وتذكرة النحاة ١٤١ ، والدرر ٢ / ٤٢ ، ولذي الرمّة في شرح أبيات سيبويه ١ / ٤٢١ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٨٦٨ ، ورصف المباني ٣٠٢ ، وشرح المفصّل ٣ / ١١٦ ، والمقتضب ٤ / ١٠١ ، وهمع الهوامع ١ / ١١١.
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٤٢٨.
(٢) الشاهد بلا نسبة في معاني الفراء ١ / ٤٢٨ ، وتاج العروس (حدد) وللسان العرب (حدد).