والعلم بالله تعالى ليس بحاصل من الوجه الأول لأن ما يعلم ضرورة لا يختلف العقلاء فيه بل يتفقون عليه ، ولذلك لا يختلفون في ان الواحد لا يكون أكثر من اثنين ، وان الشبر لا يطابق الذراع والعلم بالله فيه خلاف بين العقلاء ، وكيف يجوز ان يكون ضروريا ، وليس الادراك أيضا طريقا الى العلم بمعرفة الله تعالى لأنه تعالى ليس بمدرك بشيء من الحواس على ما سنبينه فيما بعد (١) ، ولو كان مدركا محسوسا لأدركناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة.
والخبر أيضا لا يمكن ان يكون طريقا إلى معرفته لأن الخبر الذي يوجب العلم هو ما كان مستندا إلى مشاهدة وإدراك ، كالبلدان والوقائع وغير ذلك ، وقد بينا أنه ليس بمدرك ، والخبر الذي لا يستند إلى الادراك لا يوجب العلم ، ألا ترى ان جميع المسلمين يخبرون من خالفهم بصدق محمد (ص) فلا يحصل لمخالفهم العلم به لأن ذلك طريقه الدليل ، وكذلك جميع الموحدين يخبرون الملحدة بحدوث العالم فلا يحصل لهم العلم به لأن ذلك طريقه الدليل. فاذا بطل ان يكون طريق معرفته الضرورة أو المشاهدة أو الخبر لم يبق إلا ان يكون طريقه النظر (٢).
فان قيل : اين أنتم عن تقليد الآباء والمتقدمين؟
قلنا : التقليد إن أريد به قبول «قول» (٣) الغير من غير حجة
__________________
(١) في فصل (ما يجوز عليه وما لا يجوز).
(٢) في ح للنظر.
(٣) الكلمة ساقطة من (أ).