الحجة الأولى : ان كل ما كان متحيزا ، مختصا بجهة ، فان يمينه غير يساره ، وقدامه غير خلفه ، وفوقه غير تحته. وكل ما كان كذلك ، فهو مركب من هذه الجوانب الستة ، فلا يكون فردا ، بل يكون منقسما. وربما عبروا عن هذا الكلام بعبارة أخرى. وهى : انا لو فرضنا خطا مركبا من ثلاثة جواهر متماسة ، فالوسط يلاقى ما على يمينه بعين ما يلاقى ما على يساره أو بغيره؟ والأول باطل ، والا لكان كل واحد من الطرفين. ملاقيا كلية ذات الوسط. وهذا لا يكون ملاقاة بل يكون مداخلة ، فحينئذ يكون كل واحد من الطرفين مداخلا بكليته فى كلية ذات الوسط. وعلى هذا التقدير لا يكون مجموع الأجزاء الثلاثة أزيد فى المقدار من الجزء الواحد. وحينئذ لا يكون تألف هذه الأجزاء سببا لازدياد القدر والحجم ، ولا تكون الأعظام متألفة من تركبها. وكل ذلك باطل. ولما بطل هذا القسم ثبت أن الوسط شيء يماس ما على يمينه بغير الجانب الّذي به يماس ما على يساره. واذا كان كذلك كان الجوهر الفرد منقسما.
الحجة الثانية لهم : انا اذا فرضنا سطحا مركبا من جواهر لا تتجزى فاذا وقع الضوء على أحد وجهى ذلك السطح ، صار ذلك الوجه مضيئا والوجه الآخر منه لا يصير مضيئا. والمضىء مغاير لما ليس بمضيء. فكل واحد من تلك الجواهر التى منها تركب ذلك السطح ، يكون أحد وجهيه مضيئا ، والآخر غير مضىء ، فيكون كل واحد منهما منقسما.
الحجة الثالثة لهم : إنا اذا ركبنا خطا من ثلاثة أجزاء متماسة ، ووضعنا على طرفى هذا الخط جزءين. فعلى هذا التقدير بقى ما فوق الجزء (٧) الوسطانى خاليا. فاذا فرضنا أن الجوهرين الموضوعين
__________________
(٧) الجوهر : ب