قوله : «كل متحيز فانه لا بد وأن يفترض فيه جانبان متساويان فى تمام الماهية. وكل شيئين متساويين فى تمام الماهية ، فانه يصح على كل واحد منهما ما يصح على الآخر وذلك يقتضي صحة الحركة على ذلك المتحيز».
قلنا : لو افترض فى كل متحيز جانبان لزم كون الجسم قابلا لانقسامات لا نهاية لها. وذلك محال بالدلائل الدالة على اثبات الجوهر الفرد. ولما بطل ذلك ، فسدت هذه المقدمة. وبالله التوفيق.
الجواب : أما الاستفسار عن الحيز. فنقول : ان كل أحد يعلم بالضرورة : أن كل متحيز فانه يصح أن يشار إليه بالحس ، بأنه هنا أو هناك. وهذا القدر معلوم بالضرورة. ويكفينا بناء الفرض على هذا المقدار وذلك لأن كونه هنا أو هناك ، اما أن يبقى مستمرا ، أو لا يبقى. فان بقى مستمرا فهو الساكن ، وان لم يبقى فهو المتحرك. وهذا القدر واف بتقرير هذه المقدمة.
وأما الخوض فى بيان أن حقيقة المكان ما هى؟ فلا حاجة بنا فى المسألة إليه.
قوله : «الجسم فى أول حدوثه ليس بمتحرك ولا ساكن» قلنا : كلامنا فى الجسم الباقى ولا شك أن الجسم حال بقائه لا بد وأن يكون اما متحركا واما ساكنا. ثم أنا ذكرنا الدلائل الستة على أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا فى الأزل.
قوله : «انه لا بداية لصحة وجود الحركة ، فيلزم صحة كون الحركة أزلية» قلنا : قد ذكرنا : أن الشيء اذا أخذ بشرط كونه مسبوقا بالعدم ، فهو مع هذا الشرط لا أول لصحته. ثم انه لم يلزم منه صحة كون هذا الشيء بهذا الشرط أزليا. فكذا هاهنا.