المسألة الرابعة والعشرون
فى
بيان أنه تعالى مريد لجميع الكائنات
مذهب المعتزلة : ان الإرادة توافق الأمر : فكل ما أمر الله به ، فقد أراده.
وكل ما نهى عنه ، فقد كرهه.
ومذهبنا : ان الإرادة توافق العلم. فكل ما علم وقوعه فهو مراد الوقوع
، وكل ما علم عدمه فهو مراد العدم. فعلى هذا ايمان «أبى جهل» مأمور به. وهو غير
مراد ، وكفره منهى عنه. وهو مراد.
لنا وجهان :
الحجة الأولى : قد دللنا على أنه تعالى خالق أفعال العباد. وكل من خلق شيئا
لا على سبيل الاكراه والالجاء ، فهو مريد لذلك الشيء ، فوجب القطع بأنه تعالى مريد
لجميع أفعال العباد.
الحجة الثانية : انه تعالى علم من «أبى جهل» أنه لا يؤمن. وقد بينا أن العلم
بعدم الايمان مضاد لوجود الايمان. وعند قيام أحد الضدين كان الضد الثانى ممتنع
الوجود لذاته. فاذن ايمان «أبى جهل» ممتنع الحصول مع ذلك العلم. وكل المعلومات
معلوم لله تعالى. فالله تعالى لا بد وأن يكون عالما بامتناع وجود هذا الايمان. ومن
كان عالما بكون الشيء ممتنع الوجود ، استحال أن يكون مريدا لوجوده وهذا يدل على
أنه سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون مريدا لصدور الايمان عن الكافر.