بل تنسل عن الضبط ، والظن بمعاوية أنه كان على تأويل وظن فيما كان يتعاطاه وما يحكى سوى هذا من روايات الآحاد فالصحيح منه مختلط بالباطل والاختلاف أكثره اختراعات الروافض والخوارج وارباب الفضول الخائضون في هذه الفنون ، فينبغي أن تلازم الإنكار في كل ما لم يثبت ، وما ثبت فيستنبط له تأويلا ، فما تعذر عليك فقل : لعل له تأويلا وعذرا لم أطلع عليه. واعلم أنك في هذا المقام بين أن تسيء الظن بمسلم وتطعن عليه وتكون كاذبا أو تحسن الظن به وتكلف لسانك عن الطعن وأنت مخطئ مثلا ، والخطأ في حسن الظن بالمسلم أسلم من الصواب بالطعن فيهم ، فلو سكت إنسان مثلا عن لعن ابليس أو لعن أبي جهل أو أبي لهب أو من شئت من الأشرار طول عمره لم يضره السكوت ، ولو هفا هفوة بالطعن في مسلم بما هو بريء عند الله تعالى منه فقد تعرض للهلاك ، بل أكثر ما يعلم في الناس لا يحل النطق به لتعظيم الشرع الزجر عن الغيبة ، مع أنه إخبار عما هو متحقق في المغتاب. فمن يلاحظ هذه الفصول ولم يكن في طبعه ميل إلى الفضول آثر ملازمته السكوت وحسن الظن بكافة المسلمين وإطلاق اللسان بالثناء على جميع السلف الصالحين ، هذا حكم الصحابة عامة ، فأما الخلفاء الراشدون فهم أفضل من غيرهم ، وترتيبهم في الفضل عند أهل السنة كترتيبهم في الإمامة ، وهذا لمكان أن قولنا فلان أفضل من فلان أن معناه إن محله عند الله تعالى في الآخرة أرفع ، وهذا غيب لا يطلع عليه إلّا الله ورسوله إن أطلعه عليه ، ولا يمكن أن يدعي نصوص قاطعة من صاحب الشرع متواترة مقتضية للفضيلة على هذا الترتيب ، بل المنقول الثناء على جميعهم ، واستنباط حكم الترجيحات في الفضل من دقائق ثنائه عليهم رمي في عماية واقتحام أمر آخر أغنانا الله عنه ، ويعرف الفضل عند الله تعالى بالأعمال مشكل أيضا وغايته رجم ظن ، فكم من شخص متحرم الظاهر وهو عند الله بمكان ليس في قلبه وخلق خفي في باطنه ، وكم من مزين بالعبادات الظاهرة وهو في سخط الله لخبث مستكن