ذكرناه قول الأخطل «أبو مالك غياث بن غوث من بني تغلب» وهو رجل نصراني لا يتميز إلى فرقة من فرق الإسلام ولا يتّهم بالعصبية للشيعة ، ولا يطعن عليه في العلم باللسان ، في قصيدته يمدح فيها عبد الملك بن مروان عدو أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام فيقول له :
فما وجدت فيها قريش لأمرها |
|
اعف وأوفى من أبيك وأمجدا |
فأورى بزنديه ولو كان غيره |
|
غداة اختلاف الناس يورى لا صلدا |
فأصبحت مولاها من الناس كلّهم |
|
وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا |
فمدحه بالإمامة ورئاسة الجماعة ، واقتصر في العبارة على ذلك ، وأنه أولى به من الناس كافة على لفظة «مولى» لإفادتها في اللغة ومعرفة أهلها بأنها عبارة منه ، ودالة على معناه ، وهذا بيّن لا خفاء فيه على منصف ، ولا ارتياب فيه.
وهكذا الكميت بن زيد الأسدي رحمهالله تعالى (٦٠ ـ ١٢٦ ه) وهو من أعرف الناس بلغات العرب وأشعارها ، يقول في قصيدته العينية :
نفى عن عينك الأرق الهجوعا |
|
وهمّ يمتري منها الدموعا |
دخيل في الفؤاد يهيج سقما |
|
وحزنا كان من جذل منوعا |
وتوكاف الدموع على اكتئاب |
|
أحلّ الدهر موجعه الضلوعا |
ترقرق أسحما دررا وسكبا |
|
يشبّه سحّها غربا هموعا |
لفقدان الخضارم من قريش |
|
وخير الشافعين معا شفيعا |
لدى الرحمن يصدع بالمثاني |
|
وكان له أبو حسن قريعا |
حطوطا في مسرّته ومولى |
|
إلى مرضاة خالقه سريعا |
وأصفاه النبيّ على اختيار |
|
بما أعيى الرّفوض له المذيعا |
ويوم الدّوح دوح غدير خمّ |
|
أبان له الولاية لو أطيعا |
ولكنّ الرجال تبايعوها |
|
فلم أر مثلها خطرا مبيعا |
فلم أبلغ بها لعنا ولكن |
|
أساء بذاك أوّلهم صنيعا |
فصار بذاك أقربهم لعدل |
|
إلى جور وأحفظهم مضيعا |