أما شرط العلم ؛ فلأن الإمام كالنبيّ هو الملجأ العلمي للناس ، فلا بدّ أن يكون عارفا بجميع أصول الدين وفروعه ، وبظاهر القرآن وباطنه ، وبسنّة النبيّ ، وبكل شيء له علاقة مباشرة بالإسلام أو غير مباشرة بحيث يشمل علمه كل شيء بإذن الله تعالى.
إنّ الذين يرتبكون (١) إذا ما واجهوا مشكلة معقّدة ، أو أنهم يرجعون إلى الآخرين يطلبون منهم الحلول «لأن ما عندهم من علم يقصر عن الإجابة على أسئلة المجتمع المسلم» ليس لهم أن يتحمّلوا مسئولية إمامة الأمّة وقيادتها .. فالإمام يجب أن يكون أعلم الناس وأوعاهم لدين الله ، وأن يملأ الفراغ الذي يتركه النبيّ لكي يستمر الإسلام بمسيره الصحيح الخالي من كل انحراف في مسيرته.
وأما شرط العصمة ؛ فلا بدّ أيضا أن يكون الإمام معصوما أي مصونا من كل خطأ وإثم ، وإلّا فإنه غير قادر على أن يكون قائدا فذا فريدا ، وقدوة وأسوة للناس يعتمدونه ويتبعونه.
لا بدّ للإمام من أن يستحوذ على قلوب الناس ، فيأتمرون بأمره دون اعتراض .. فمن كان ملوّثا بالإثم لا يمكن أبدا أن يبلغ هذا المبلغ في القلوب ، ولا أن يكون موضع ثقة الناس واطمئنانهم.
ومن كان في أعماله اليومية عرضة للأخطاء والهفوات ، كيف يمكن أن يوثق به في إدارة أعمال المجتمع ، ويطمأنّ إلى آرائه وتنفيذها بدون أي اعتراض؟ إذن ، لا بدّ من أن يكون النبيّ معصوما وكذا خليفته مثله يجب أن يتحلّى بصفة العصمة لئلّا يقع في المعاصي فيغرّر غيره بالوقوع فيها ، وهو خلاف اللطف الإلهي من بعثه وإرساله ليقرّب الناس إلى الطاعة ويبعّدهم عن المعصية.
كما يجب على الإمام أن يكون متحرّرا من قيود النفس الأمّارة والثروة والجاه لكي لا يستطيع أحد إغراءه والتأثير عليه بحيث يحمله على الاستسلام والمساومة.
__________________
(١) الارتباك : الاضطراب والاختلاط.