نهبا ، حتى مضى الأول لسبيله ، فأدلى بها إلى فلان (١) بعده ، ثم تمثل بقول الأعشى :
شتّان ما يومي على كورها |
|
ويوم حيّان أخي جابر |
فيا عجبا!! بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ـ لشدّ ما تشطّرا ضرعيها (٢) ـ فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ، إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمني الناس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس وتلوّن واعتراض ، فصبرت على طول المدة ، وشدة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم ، فيا لله وللشورى ، متى اعترض الرّيب فيّ مع الأول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر» (٣).
والنتيجة : أن هذا الاستخلاف أدّى إلى تنافس على الخلافة بين ملوك بني أمية والعبّاس بعد انتزاعها من أصحابها الشرعيين من حين وفاة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسبب هذا الاختلاف منشؤه عدم اشتراط المؤهلات في المستخلف لفقدان النص برأي أصحاب هذه النظرية ، من هنا حاول بعض المتأخرين من فقهاء العامة تهذيب نظرية الاستخلاف ، مشترطين أن يكون المعهود له متصفا بصفات الإمامة كالفقاهة والعدالة ، ولا عبرة باستخلاف الجاهل والفاسق (٤).
مما يدل ـ بحسب هذا التعديل ـ أن ما سار عليه أغلب الحكّام في العهد والاستخلاف مخالف للأسس الشرعية حتى عند المذاهب السّنية.
وعلى ضوء التهذيب الطارئ على النظرية الأشعرية في تولّي الخلافة يكون حكم المعاصرين لأئمتنا المعصومين ـ بدءا بمولانا أمير المؤمنين وانتهاء بغياب
__________________
(١) أي إلى ابن الخطّاب.
(٢) المراد من العبارة : «أي أنهما اقتسما الخلافة فأخذ كل منهما شطرا» شرح النهج لصبحي الصالح ص ٥٦٥.
(٣) نهج البلاغة ص ٤٨ ، الخطبة ٣ شرح صبحي الصالح.
(٤) مغني المحتاج ج ٤ / ١٣١ محمد الشربيني ، دار الفكر ـ بيروت.