ثالثاً : على فرض صحّتها. فليس فيها ما يدلّ على النفاق والحسد. إذا علمنا أنّ الروايات متّفقة على تقدّم أبي بكر وعمر لخطبة فاطمة قبل أن يخطبها عليّ لنفسه ، ولو كان الأمر بعكس هذا لأمكن أن يكون لكلام الموسوي وجه من الصحّة.
ثمّ إنّ الروايات متّفقة على حثّ أبي بكر وعمر لعليّ رضي الله عنه أن يخطبها لنفسه بعد أن لم يجبهما النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم على خطبتهما لفاطمة رضي الله عنها ، وفعلهما هذا ينفي عنهما ما اتّهمهما به الموسوي من النفاق والحسد نفياً قاطعاً ، بل يثبت محبّتهما لعليّ رضي الله عنه وأنّهما يحبّان له ما يحبّانه لنفسيهما. فتأمّل هذا.
فعن أنس كما عند ابن أبي حاتم ولأحمد نحوه ، قال : جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فسكت ، ولم يرجع إليهما شيئاً ، فانطلقا إلى عليّ رضي الله عنه يأمرانه بطلب ذلك ، قال علي : فنبّهاني لأمر فقمت أجرّ ردائي حتّى أتيت إلى النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقلت : تزوّجني فاطمة؟ قال : وعندك شيء؟ قلت : فرسي ، وبُدْني. فقال : أمّا فرسك فلا بدّ لك منها ، وأمّا بُدْنُك فبعها. فبعتها بأربعمائة وثمانين فجئته بها فوضعها في حجره ، فقبض منها قبضة فقال : أي بلال ابتع لنا بها طيباً ، وأمرهم أن يجهّزوها .. إلى آخر الرواية.
رابعاً : إنّ ما رواه من أنّهم أرسلوا نساءهم إلى فاطمة لينفّروها من الزواج من عليّ ـ محض كذب وافتراء ـ لم يأت في شيء من المصنّفات أو الكتب المعتبرة عند أهل العلم.
والرواية التي ساقها الموسوي وأخرجها الخطيب في المتّفق بسنده إلى ابن عبّاس : «أما ترضين أنّ الله اختار من أهل الأرض رجلين أحدهما