يقول لمن اعترض عليه عند هجومه على دار فاطمة الزهراء : إنّ فيها فاطمة ، قال : وإن (١)؟!
فهل يمكن الجمع بين هذه المواقف وبين ما يدّعيه عن القرابة والقربى اليوم؟!
ولو كان حقّاً يعرف منزلة القرابة والقربى ، فلماذا نراه يتخوّف من تولّي بني هاشم ، ويحرمهم من خُمس الغنيمة (٢)؟!
بل إذا كانت القرابة لها هذه السمة المعنوية في الدنيا والآخرة حسب اعتراف عمر! فكيف به لا يحترم ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، التي يرضى الله لرضاها ، ويغضب لغضبها (٣) ، ويقول مستنقصاً مكانتها : وإن!!
إنّ عدم تفهّمهم لتلك الخصائص الإلهية ـ أو عدم ترتيبهم الآثار عليها ـ إنّما يكمن وراءه موروث قديم ، وهو : احترام الرئيس ما دام حيّاً ، ولا يعار للبنت أهمّية ، إلاّ بمقدار كونها امرأة لا توازي الرجل ولا تساويه ، بل ليس لها أن تطالب بشيء من حقوقها الشرعية ، وقد يكون وراء هذا الأمر مصالح وأهداف سياسية أُخرى لا يريدون الكشف عنها.
وقد رأيتَ أنّ بعض النصوص تدّعي أنّ عمر كان يريد : «النسب والسبب» ; رغم افتراض أنّه من قريش ، وله نسب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبذلك احتجّ في السقيفة ، كما أنّ له سبباً من جهة ابنته حفصة ، فلا يبقى
____________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ٣٠.
(٢) سنن أبي داود ٢ / ٢٧ ح ٢٩٨٤ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٤٤ ، سُنن النسائي ٧ / ١٢٩ ح ٤١٣٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٩١.
(٣) انظر : تهذيب الكمال ٣٥ / ٢٥٠ ; عن صحيح البخاري ٦ / ١٥٨ باب : ذبّ الرجل عن ابنته ; وفيه : فإنّما هي بضعة منّي ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها.
صحيح مسلم ٧ / ١٤١ ، سنن أبي داود ١ / ٤٦٠ ، صحيح الترمذي ٥ / ٣٥٩.