أما النارى فالاشتغال بالشهوة والغضب والحرب والأمل ؛ لأن هذه الصفات صفات نارية ، كما أن إبليس لما كان ناريا ، فلا جرم وقع فى الحسد.
الخامسة : الحلولية
وهم طائفة من هؤلاء القوم الذين ذكرناهم يرون فى أنفسهم أحوالا عجيبة وليس لهم من العلوم العقلية نصيب وافر. فيتوهمون أنه قد حصل لهم الحلول أو الاتحاد ، فيدعون دعاوى عظيمة (١). وأول من أظهر هذه
__________________
(١) ذكر أكثر المتكلمين أن من الحلولية : الحسين بن منصور الحلاج ، وهو من أرض فارس من بلدة يقال لها بيضاء .. أما الفقهاء فقد اختلفوا فى حال الحلاج. وكان في أول أمره يتكلم على لسان الصوفية ، ويتعاطى العبارات التى تسميها الصوفية الشطح ، وهو أن يتكلم بكلام يحتمل معنيين ، أحدهما مذموم والآخر محمود ، ويقال إن جماعة من خواص المقتدر خدعوا به ، فخاف المقتدر فتنته ، فعرض حاله على الفقهاء ، واستفتى فيه الفقهاء ، فأفتى القاضى أبو عمر بقتله ، فضربه ألف سوط ، وقطعت يداه ورجلاه ، وصلب يوم الثلاثاء لثلاث بقين من ذى القعدة سنة تسع وثلاثمائة : ثم أمر فأنزل من خشبته وأحرق وطرح رماده فى دجلة. وقالوا عنه إنه قال : «من هذب نفسه فى الطاعة ، وصبر على الشهوات واللذات ، ارتقى إلى مقام المقربين ، ثم لا يزال يصفو ويرتقى فى درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية ؛ فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ ، حل فيه روح الإله الّذي حل فى عيسى ابن مريم ، ولم يرد شيئا إلا كان كما أراد ، وكان جميع فعله فعل الله تعالى.