فلمّا بلغ ذلك إليّ اعتقدت وجوب الردّ عليه ، وتصويب أسـنّة الطعن والتشنيع إليه ؛ لكون ذلك بدعة يجب إنكارها ، ومقالة يقبح إظهارها ، ولِما روي عن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أنّه قال : «من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً» (١).
وقصدت بذلك الخروج عن عهدة ما يجب من حقّ أمير المؤمنين عليه السلام ، والتعرّض لِما ورد في الأثر عن سـيّد البشر وهو قوله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم : «إنّ الله تعالى جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرةً ، فمن ذكر فضيلة من فضائله غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم ، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع ، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر» ..
ثمّ قال : «النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة ، وذكره عبادة ، ولا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه» (٢).
ولمّا كان أهل هذه البدعة ينتمون إلى العلم والزهادة ، ويتحلّون في ظاهر أمرهم بالعبادة ، فبُثَّت بدعتهم ، وقُبِلَت شبهتهم ، وكثر اغترار الجاهل بهم ، وذلك مصداق ما قاله أمير المؤمنين ، عليه سلام ربِّ العالمين : «قطع ظهري اثنان : عالم فاسـق يصـدّ الناس عن علمه بفسـقه ، وذو بدعة ناسك
____________
(١) مسند الشهاب ١ / ٣١٨ ح ٥٣٧. وورد بتفاوت يسير في الألفاظ في : تاريخ بغداد ١٠ / ٢٦٤ ، حلية الأولياء ٨ / ٢٠٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٥٤ / ١٩٩ ح ١١٤٤٧ ، كنز العمّال ٣ / ٨٢ ح ٥٥٩٨.
(٢) الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : ٢٠١ ح ٢١٦ ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢ ، كفاية الطالب : ٢٥٢ ، فرائد السمطين ١ / ١٩.