المشهورة ؛ حيث يقول : «وكأنّي بأوصالي هذه تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء» (١).
وهذه التربة هي التي يسمّيها أبو ريحان البيروني (٢) فى كتابه الجليل الآثار الباقية : التربة المسعودة في كربلاء (٣).
نعم ، وإنّما يُعرف طيب كلّ شيء بطيب آثاره ، وكثرة منافعه ، وغزارة فوائده ، ويدلّ على طيب الأرض وامتيازها على غيرها ، طيب ثمارها ، ورواء أشجارها ، وقوّة ينعها وريعها.
وقد امتازت تربة كربلاء من حيث المادّة والمنفعة بكثرة الفواكه وتنوّعها وجودتها وغزارتها ، حتّى أنّها في الغالب هي التي تموّن أكثر حواضر العراق وبواديه بكثير من الثمار اليانعة التي تختصّها ولا توجد في
____________
(١) شرح الأخبار ـ للقاضي النعماني ـ ٢ / ١٤٦ ، مثير الأحزان ـ لابن نما الحلّي ـ : ٣٩ ، الملهوف : ٢٦ ، كشف الغـمّة ٢ / ٢٣٩ ، نزهـة الناظر وتنبيه الخواطـر ـ للحلواني ـ : ٨٦.
(٢) هو : محمّد بن أحمد ، أبو الريحان البيروني الخوارزمي : حكيم ، رياضي ، مؤرّخ ، فلكي ، أديب ، لغوي ، كان أعظم عالم موسوعي ، ولد في ٣ ذي الحجّة ٣٦٢ هـ ، من أهل خوارزم ، أقام في الهند بضع سنين ، اطّلع على فلسفة اليونانيين والهنود ، وعلت شهرته ، وارتفعت منزلته عند ملوك عصره ، كان حسن المحاضرة ، طيّب العشرة ، عفيفاً في أفعاله ، صنّف كتباً كثيرة جدّاً تزيد على مئة وخمسين مؤلَّفاً ، ويعدّ مؤرّخ العلوم ، منها : الآثار الباقية عن القرون الخالية ، مختار الأشعار والآثار ، الاستيعاب في صنعة الاسطرلاب ، الجماهر في معرفة الجواهر وغيرها ، توفّي في رجب عام ٤٤٠ هـ.
كان يقول الشعر ، فله :
ومن حام حول المجدِ غير مجاهدٍ |
|
ثوى طاعماً للمكرُماتِ وكاسيا |
وبات قرير العين في ظلِّ راحةٍ |
|
ولكنّه عن حُلّةِ المجدِ عـاريا |
انظر : معجم المؤلّفين ٣ / ٥٣ رقم ١١٦٤٣.
(٣) الآثار الباقية : ٣٢٩.